أسرار عن دلال المغربي.. فدائية رفعت علم فلسطين على طريق تل أبيب

أسرار عن دلال المغربي.. فدائية رفعت علم فلسطين على طريق تل أبيب

Loading

منذ عام 1948، تزخر الذاكرة الفلسطينية بقصصٍ لا تُحصى من النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، غير أن أسماءً قليلة نجحت في أن تتحوّل من سطورٍ في التاريخ إلى حضورٍ دائم في الوعي الجمعي؛ أسماءٌ صنعتها بطولاتٌ استثنائية، فغدت أيقوناتٍ لا يبهت أثرها مع الزمن.

من بين هذه الأسماء، يبرز اسم الشهيدة الفلسطينية دلال المغربي، التي لم تكن مجرّد فدائية في زمنٍ ملتهب، بل صارت رمزًا مُكثفًا لمعنى التضحية، واسمًا ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ العمل الفدائي الفلسطيني.

اقترن اسم دلال المغربي بتنفيذ عملية فدائية تاريخية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1978، حين قادت مجموعة فدائية باتجاه تل أبيب، وأسفرت العملية عن مقتل عدد من الإسرائيليين، قبل أن تنتهي باستشهادها مع عدد من رفاقها برصاص الجيش الإسرائيلي، بعد اشتباكٍ عنيفٍ أُغلقت فيه مسارات الانسحاب.

بطاقة تعريف | من هي دلال المغربي؟

  • الاسم: دلال سعيد المغربي
  • الاسم الحركي: جهاد
  • تاريخ الولادة: 29 ديسمبر/ كانون الأول 1959
  • مكان الولادة: صبرا – الطريق الجديدة، بيروت
  • الانتماء: حركة “فتح” / منظمة التحرير الفلسطينية
  • أبرز العمليات: عملية الشهيد كمال عدوان (عملية الساحل)
  • تاريخ الاستشهاد: 11 مارس/ آذار 1978
  • مصير الجثمان: لم يُسلَّم حتى اليوم، ومكانه لا يزال مجهولًا

وفي الأرشيف المفتوح، تبرز صورة صادمة لدلال المغربي بعد استشهادها، يظهر فيها إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، الذي كان يومها من قادة القوة التي تصدت للمجموعة، واقفًا عند جثمانها، يمسك بها ويشدّها، في لقطة أثارت غضبًا واسعًا.

حياة دلال المغربي مليئة بالفصول، وما هو متداول عنها لا يتجاوز الخطوط العريضة، لكن الغوص في تفاصيل سيرتها يكشف أسرارًا كثيرة عن هذه الشهيدة الأيقونة: عن البيت والمنفى والوعي المبكر، وعن التدريب القاسي والسرية، وعن الساعات الأخيرة التي سبقت “عملية الساحل”.

في هذا السياق، التقى موقع التلفزيون العربي أحمد المغربي، شقيق الشهيدة دلال، الذي كشف حقائق تاريخية تتعلق بحياتها العائلية والنضالية والعسكرية، وكواليس عمليتها البطولية. فماذا قال؟ وماذا كشف عن دلال الأخت، والمقاتلة، والشهيدة؟

طفولة في قلب بيروت

تذكر العديد من المراجع أن دلال المغربي وُلدت عام 1958، غير أن الثابت أنها من مواليد 29 ديسمبر/ كانون الأول 1959، وقد وُلدت في محيط صبرا–الطريق الجديدة في بيروت، على تخوم مخيم صبرا للاجئين الفلسطينيين.

تنحدر عائلة المغربي من مدينة يافا الفلسطينية، ووالدها هو سعيد المغربي، أحد المشاركين في ثورة الشهيد عز الدين القسام عام 1936، ومن الفلسطينيين الذين لجأوا إلى لبنان عقب نكبة عام 1948 وإقامة ما يُسمى بـ”دولة إسرائيل”.

أما والدتها فهي السيدة آمنة إسماعيل، لبنانية من بيروت. أنجبت من زوجها سعيد تسعة أبناء: ستة ذكور وثلاث إناث. عاشت العائلة في منطقة أبو سهل – الطريق الجديدة في بيروت، وهي منطقة كانت تُعدّ في تلك المرحلة إحدى البيئات الحاضنة لعمل منظمة التحرير الفلسطينية.

كانت دلال الطفلة الثانية بعد شقيقتها الكبرى رشيدة المغربي، ولها شقيق توأم هو محمد. وكان لرشيدة دورٌ محوري في مسيرة دلال، إذ شكّلت حاضنتها الأولى، والمساهم الأبرز في توجيه بوصلتها نحو العمل الوطني.

وعي وطني مبكر

في حديثه إلى موقع التلفزيون العربي، يستعيد أحمد المغربي تفاصيل طفولة شقيقته التي تكبره بنحو ثلاث سنوات:

“كانت دلال مولعة بالتعرّف إلى تاريخ بلادها. تسأل والدي يوميًا عن فلسطين وعن قتال إسرائيل. منذ طفولتها تشكّل وعيها الوطني، وقد تشربته من والدنا الذي كان وطنيًا من الطراز الأول، وفخورًا بمشاركته في مواجهة الانتداب البريطاني”.

ويضيف أن العائلة عاشت في أجواء دافئة، وأن والدهم كان يعمل في المقاولات والبناء، إضافة إلى وجود منزل صغير للعائلة في بلدة صوفر بجبل لبنان. ويشير إلى أن دلال كانت أختًا حنونة وقريبة منه على نحوٍ خاص، ولا سيما بعد انخراطها في صفوف منظمة التحرير الفلسطينية.

“لقد عشنا في وسط عائلة دافئة تمامًا، وكان الحب يغمرنا جميعًا.. دلال كانت شقيقة حريصة علينا جميعًا، وكنت أرى فيها الشقيقة الحنونة والوديعة، كما أنني كنت مقربًا منها خصوصًا حينما انخرطت في صفوف منظمة التحرير الفلسطينية”.

بين الدراسة وبدايات العمل العسكري

منذ صغرها، حملت دلال المغربي القضية الفلسطينية في قلبها ووجدانها، ولم تكن طفولتها عائقًا أمام التعبير عن روحٍ ثورية ووطنية كانت تتجذّر يومًا بعد يوم في عقلها وضميرها.

درست دلال في مدرسة يعبد التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في بيروت، حيث تلقت تعليمها الابتدائي، قبل أن تنتقل إلى مدرسة حيفا لإكمال المرحلة الإعدادية. وخلال سنوات الدراسة، برز شغفها بالعمل الثوري، وكانت تُبدي حماسًا واضحًا لأي عملية فدائية ينفذها فلسطينيون ضد الاحتلال.

ومع بداية دراستها الجامعية في جامعة بيروت العربية، وقعت معركة مخيم تل الزعتر عام 1976، حين هاجمت جماعات حزبية لبنانية المخيم، وانتهت المعركة بتهجير سكانه وتدميره. آنذاك، نُقل شهداء وجرحى من سكان المخيم إلى بيروت، وقد تبيّن بعد ذلك أنّ دلال كانت قد تلقت دورة في الإسعافات الأولية خلال المرحلة الثانوية، وشاركت في تضميد جراح المصابين.

الانخراط في العمل الفدائي

شكّل انخراط دلال المغربي في العمل العسكري انعطافة حاسمة في حياتها، وذلك تحت أعين وإشراف شقيقتها رشيدة، التي كانت من القياديات الفلسطينيات البارزات في لبنان، إلى جانب “أبو حسن سلامة”، ضمن الأطر الأمنية والعسكرية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.

ويكشف أحمد المغربي أن شقيقته كانت من العناصر التي تخرّجت في الدورات العسكرية تحت إشراف القيادي الفلسطيني خليل الوزير (أبو جهاد)، ومن هناك سلكت طريقها نحو العمل العسكري الذي ظلّ، لفترةٍ طويلة، محاطًا بالسرية وغير معلنٍ على نحوٍ واضح.

“منذ انطلاقتها في ميادين العمل العسكري، تلقت دلال تدريبات على العمليات البحرية في منطقة الدامور جنوب بيروت. وكانت تلك التدريبات شديدة القسوة، ومن ضمن تكتيكاتها إعداد أشخاص قادرين على التسلل عبر البحر إلى داخل فلسطين المحتلة، فيما يُعرف بالضفادع البشرية”.

يقول المغربي إن التدريبات جرت بين عامي 1976 و1977، أي قبل نحو عام واحد من تنفيذ دلال عمليتها البطولية ضد إسرائيل، مشيرًا إلى أن “الاستخبارات الإسرائيلية علمت بتلك التدريبات”، ما دفع إلى اتخاذ قرار بنقلها إلى مخيم الرشيدية في جنوب لبنان.

عملية “كمال عدوان”.. التحضير والهدف

واصلت دلال تدريباتها في مخيم الرشيدية مع مجموعة من الفدائيين، إلى أن تبلورت التحضيرات لتنفيذ عملية نوعية داخل إسرائيل، أُطلق عليها لاحقًا اسم عملية الشهيد كمال عدوان، وهو قيادي فلسطيني في حركة “فتح” اغتالته إسرائيل مع كمال ناصر ومحمد يوسف النجار في بيروت في أبريل/ نيسان 1973.

وفق رواية أحمد المغربي، كانت العملية التي قادتها دلال لاحقًا مع فدائيين آخرين، بمثابة الرد الفلسطيني على اغتيال عدوان، وقد أُعدّت بعناية شديدة، وكان خليل الوزير “أبو جهاد” المشرف المباشر على تفاصيلها من البداية حتى النهاية.

خط زمني | محطات في حياة دلال المغربي


1959

ولادة دلال المغربي في محيط مخيم صبرا في بيروت، لعائلة فلسطينية لاجئة من يافا.

الستينيات – أوائل السبعينيات

نشأة في بيئة وطنية، وتشكّل وعي مبكر بالقضية الفلسطينية.

1976 – 1977

التحاقها بالتدريبات العسكرية السرية، بما فيها التدريبات البحرية في منطقة الدامور، ثم الانتقال إلى مخيم الرشيدية جنوب لبنان.

مارس 1978

قيادة مجموعة فدائية لتنفيذ عملية نوعية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

11 مارس/ آذار 1978

استشهاد دلال المغربي ورفاقها بعد اشتباك مع الجيش الإسرائيلي على الطريق الساحلي بين حيفا وتل أبيب.

2008

إدراج اسمها ضمن قائمة الجثامين المطلوب استعادتها، دون أن تُعيد إسرائيل جثمانها

ساعة الصفر.. الانطلاق ورفع علم فلسطين

كانت الخطة التي كُلِّفت بها دلال تقضي بتنفيذ إنزال على أحد الشواطئ الفلسطينية، ثم السيطرة على فندق داخل تل أبيب لاحتجاز رهائن، بهدف مبادلتهم بأسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

ويكشف أحمد المغربي في هذا السياق، أن شقيقته دلال اختيرت لتكون قائدة المجموعة التي ستدخل فلسطين لتنفيذ العملية الاستشهادية، مشيرًا إلى أنها كانت في ذلك الوقت في الحادية والعشرين من عمرها، فيما حملت الفرقة التي قادتها اسم “فرقة دير ياسين“.

وبالفعل، جرت العملية في مارس/ آذار 1978، إلا أنّ المعلومات التاريخية تشير إلى أن التنفيذ لم ينجح من المحاولة الأولى، إذ حاولت دلال ورفاقها أكثر من مرة التسلل عبر سفينة تجارية، لكن المحاولات فشلت لأسباب ميدانية.

لاحقًا دقت ساعة الصفر: في 9 مارس 1978 كانت دلال ورفاقها على متن سفينة تجارية انطلقت باتجاه الشواطئ الفلسطينية.

كانت دلال، التي حملت الاسم الحركي “جهاد”، قد توجهت مع رفاقها عبر زوارق مطاطية لملاقاة السفينة في عرض البحر، قبل أن تُستخدم زوارق “زودياك” للوصول إلى الساحل.

غير أن سوء الأحوال الجوية أربك المسار، فضلّ الزورقان الطريق في عرض البحر لمدة يومين، وانقلب أحدهما، ما أسفر عن غرق مقاتلين اثنين. ورغم ذلك، استمرت العملية، وأسهمت الرياح في قذف المجموعة إلى شاطئ مستوطنة معجان ميكائيل، على مسافةٍ تقارب 25 كيلومترًا جنوب حيفا.

صباح 11 مارس، وصلت المجموعة إلى الطريق الدولية بين حيفا وتل أبيب. هناك تغيّرت الخطة، وباتت المجموعة مضطرة لاعتماد تكتيك جديد. استولت أولًا على سيارة أجرة، ثم سيطرت على حافلة ركاب، قبل الاستيلاء على حافلة أخرى. وبعد ذلك قررت استخدام حافلة واحدة تضم جميع الرهائن، الذين بلغ عددهم 68 شخصًا، والانطلاق بها نحو تل أبيب.

يقول أحمد المغربي إن المجموعة نجحت في اجتياز حواجز عدة على طول الطريق، وإنها اشتبكت مع قوات الاحتلال المنتشرة على خط المسار.

خلال السير، سألت دلال ركاب الحافلة عمّا إذا كانوا يفهمون العربية، فتبيّن أن بينهم فتاة قالت إنها يهودية من اليمن وتعرف العربية. عندها طلبت منها دلال ترجمة كلامها للآخرين، وقالت:

“لتعلموا جميعًا أن أرض فلسطين عربية وستظل كذلك”.

ثم أخرجت علم فلسطين من حقيبتها ورفعته داخل الحافلة، ورددت:

“بلادي بلادي… بلادي… لكِ حبي وفؤادي”.

النهاية.. الشهادة

عقب العملية، دخلت القوات الإسرائيلية حالة تأهب قصوى، فأنزلت قوات كبيرة على الطريق ونشرت الحواجز على معظم المسارات المؤدية إلى تل أبيب. ونجح الفدائيون في تجاوز عدد من تلك الحواجز، فيما تمركزت آليات عسكرية قرب نادٍ ريفي يُسمّى “كونتري كلوب”، بهدف إيقاف الحافلة بأي ثمن، بناءً على أوامر إيهود باراك.

عندها، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على إطارات الحافلة لإيقافها. حاول الفدائيون التفاوض حرصًا على حياة الرهائن، إلا أن القوات الإسرائيلية رفضت التفاوض وطالبت عبر مكبرات الصوت باستسلام المجموعة.

رفضت دلال ورفاقها الاستسلام، فاندلع اشتباك عنيف انتهى باستشهاد دلال ورفاقها، كما قُصفت الحافلة، ما أدى إلى مقتل وجرح عدد من الرهائن داخلها.

وتفيد الروايات بأن أحد رفاق دلال نجا، فيما اعتُقل آخر بعد إصابته. وعندما سأل الجنود عن قائد المجموعة، أشار الجريح إلى “دلال”. لم يصدّق إيهود باراك ذلك في البداية، لاعتقاده أنه من غير المتوقع أن تقود شابة مثل هذه العملية، لكن الجريح أكد أن قائدة المجموعة هي دلال المغربي.

وتقول شهادات متداولة إن باراك تعامل مع جثمانها بطريقة مهينة عقب الاشتباك، في مشهدٍ ظلّ حاضرًا في الذاكرة الفلسطينية بوصفه امتدادًا للعنف حتى بعد الاستشهاد.

حياة دلال المغربي مليئة بالفصول، وما هو متداول عنها لا يتجاوز الخطوط العريضة، لكن الغوص في تفاصيل سيرتها يكشف أسرارًا كثيرة عن هذه الشهيدة الأيقونة.

وفي عام 2008، أُدرج جثمان دلال المغربي ضمن قائمة الجثامين التي طالب لبنان باستعادتها من إسرائيل، ضمن صفقة تبادل أسرى أُبرمت آنذاك. غير أن أحمد المغربي يؤكد أن فحوص الحمض النووي (DNA) التي أُجريت على الجثامين والرفات المُسلّمة إلى لبنان أظهرت أن إسرائيل لم تُعد جثمان دلال المغربي، ولا يزال مكانه مجهولًا حتى اليوم.

دلال ما قبل العملية.. اللقاء الأخير

يستذكر أحمد المغربي الأيام التي سبقت تنفيذ العملية، ويقول:

“قبل نحو أسبوع من تنفيذ العملية، تأخرت دلال في العودة إلى المنزل، ما أثار غضب والدها سعيد المغربي. عندها توجّه إلى مكتب منظمة التحرير الفلسطينية وقابل القيادي أبو جهاد ليسأله عن ابنته، بوصفه المسؤول عنها، فأبلغه أنها بخير وفي الحفظ والصون”.

ويكشف أحمد أنه في اليوم التالي وصلت دلال على متن سيارة “ستايشن”، وكانت تلك المرة الأولى التي يراها فيها باللباس العسكري، وبرفقتها عدد من الفدائيين.

ويروي بتأثّر لموقع التلفزيون العربي، ما جرى في ذلك “اللقاء الأخير”:

“”كنتُ أقف قبالة المنزل في منطقة الطريق الجديدة، فرأيت السيارة تقلّ دلال، وشاهدتها تدخل فورًا إلى المنزل، وكانت تحمل على خاصرتها مسدس توكاريف.

دخلت دلال في حوار مع والدتها، فسألتها عمّا تُحضّر للغداء، قبل أن تُبلغها بأنها ذاهبة وستعود لاحقًا، قائلة عبارتها الأخيرة: راجعة، راجعة.

كان ذلك اللقاء الأخير مع دلال، إذ غابت عن المنزل نهائيًا. وبعدها ورد خبر عبر الراديو عن تنفيذ عملية لفدائيين داخل فلسطين. عندها صرخت والدتي منادية اسم دلال، وكأنها شعرت بأن لابنتها دورًا في تلك العملية.

في تلك اللحظات سقط شقيقي محمد، وهو التوأم لدلال، أرضًا وأصابته نوبة غريبة، فنُقل إلى المستشفى. ولاحقًا استنتجنا، وفقًا لأحد الأطباء، أن ما حصل لمحمد مرتبط بما تعرضت له دلال، وأن الأمر له علاقة بالجينات.

بعد ذلك، بدأ الناس يتوافدون إلى منزلنا بعدما تبيّن أن دلال كانت ضمن الفدائيين الذين نفذوا العملية. انقلبت المنطقة رأسًا على عقب، وفجأة وصل أبو عمار إلى منزلنا، فأدّى التحية لوالدي وقال له إنه يفخر بدلال التي نفذت عملية بطولية.

عندها، طلب والدي من أمي أن تطلق الزغاريد فرحًا، فقد كان يفخر بابنته التي قدّمت روحها فداءً لفلسطين وأرضها”.

ويشير أحمد المغربي إلى أنه بعد استشهاد شقيقته، وخلال الحرب اللبنانية، تعرّض منزل العائلة في بيروت للتخريب والتكسير، كاشفًا أن المدفعية الإسرائيلية قصفت أيضًا منزل العائلة في بلدة صوفر في جبل لبنان. ويقول:

“ما حصل يكشف أن الإسرائيليين أرادوا الانتقام منا، لأن دلال أوجعتهم ولقّنتهم درسًا لا يُنسى”.

حلقة سابقة من برنامج “كنت هناك” تسلط الضوء على عملية الساحل التي قادتها دلال المغربي عام 1978 

الوصية الأخيرة

قبيل استشهادها، كتبت دلال المغربي وصية إلى رفاقها الفدائيين، جاء فيها:

“حملتُ أمانة العمل لإشعال الثورة وتحقيق أهداف شعبي، وقد بدأت سيري لأعاهد الله والوطن والشهداء على الصمود في هذا الطريق المليء بالأشواك والعقبات والموت. وإني لماضية في هذا الطريق مهما كلّفني ذلك من جهد وتضحية، ولن أتراجع أو أتردد، والله خير شاهد.

وصيتي لكم جميعًا، أيها الإخوة حملة البنادق، تبدأ بتجميد التناقضات الثانوية وتصعيد التناقض الرئيسي ضد العدو الصهيوني، وتوجيه البنادق، كل البنادق، نحو العدو الصهيوني. إن استقلالية القرار الفلسطيني تحميها سواعد الثوار، والتجرؤ على خوض النضال.

يا صاحبي، لا يهمّ المقاتل حين يضحي أن يرى لحظة الانتصار، فسأراها بعيني رفيقي. فاستمروا وصونوا الوصية، وحرروا كامل الوطن دون التنازل عن شبر من الأرض العربية، ولا تعترفوا بالعدو الصهيوني حتى تحرير كامل التراب الوطني.

بلّغوا أمي الحنونة وأبي والأخوات أن يكفكفوا دمعًا حزينًا، فقد صرتُ بنتًا للبلاد، وإنها لثورة… حتى النصر”. 

 

أبطال عملية الشهيد كمال عدوان التي قادتها دلال المغربي:


  • الشهيدة دلال سعيد المغربي (جهاد) – فلسطينية، مواليد بيروت في 29 ديسمبر/ كانون الأول 1959.
  • الشهيد محمود علي أبو منيف (أبو هزاع) – فلسطيني، مواليد نابلس عام 1960.
  • الشهيد يحيى محمد سكاف (أبو جلال) – لبناني، مواليد المنية – طرابلس (لبنان) عام 1959.
  • الأسير خالد محمد إبراهيم (أبو صلاح) – فلسطيني، مواليد الكويت عام 1960.
  • الشهيد خالد عبد الفتاح يوسف (عبد السلام) – فلسطيني، مواليد طولكرم (فلسطين) عام 1957.
  • الشهيد محمد محمود عبد الرحيم مسامح (فاخر النحال) – فلسطيني، مواليد طولكرم (فلسطين) عام 1959.
  • الشهيد محمد حسين الشمري (أبو حسين) – يمني، مواليد شمر (اليمن) عام 1958.
  • الشهيد محمد راجي الشرعان (وائل) – فلسطيني الأصل من لوبية (فلسطين)، مواليد صيدا (لبنان) عام 1957.
  • الشهيد محمد فضل أسعد (الوحش) – فلسطيني الأصل من حيفا (فلسطين)، مواليد إربد (الأردن) عام 1958.
  • الشهيد عبد الرؤوف عبد السلام علي (أبو أحمد) – يمني، مواليد صنعاء (اليمن) عام 1956.
  • الشهيد عامر أحمد عامرية (طارق بن زياد) – لبناني، مواليد المنية – طرابلس (لبنان) عام 1953.
  • الأسير حسين إبراهيم فياض (أبو جريحة) – فلسطيني، مواليد خان يونس (فلسطين) عام 1960.
  • الشهيد علي حسين مراد (أسامة) – لبناني، مواليد صيدا (لبنان).

المراجع:

* مقابلة مع أحمد المغربي، شقيق الشهيدة دلال المغربي – خاص موقع التلفزيون العربي
(1): سيرة عن دلال المغربي، مؤسسة الدراسات الفلسطينية
(2): كتاب الحركة النسائية الفلسطينية المسيرة المقارنة، الإبداع، التراث، المشاركة، الرموز، عبد القادر ياسين، دار المنهل، 2011