![]()
صعد أستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد إلى سدة الحكم في تونس عام 2019 بخطاب أخلاقي وعد فيه بإصلاح الدولة ومحاربة الفساد. ولكن بعد ست سنوات من الحكم هل أنقذ سعيّد تونس؟
وكان سعيّد قد أعلن في الخامس والعشرين من يوليو/ تموز 2021 عن سلسلة إجراءات استثنائية؛ بدأت بتجميد البرلمان وإقالة الحكومة وتولي السلطات كافة.
وأعقبت هذه الإجراءات صياغة دستور جديد عُرض على الاستفتاء في يوليو 2022، وسط نسبة مشاركة لم تتجاوز 30%.
وقد أعاد هذا الدستور الجديد تشكيل نظام الحكم، مانحًا صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية لتشمل تعيين الحكومة وقيادة السياسات العامة والتشريع عبر المراسيم.
توقيفات في تونس في عهد قيس سعيّد
واعتُبرت هذه التحولات من قبل أنصاره تصحيحًا لمسار الثورة، في حين اعتبرها معارضون تكريسًا لنظام حكم فردي.
وفي فبراير/ شباط 2022، تم حل المجلس الأعلى للقضاء وتبعه قرار بإعفاء 57 قاضيًا من مناصبهم دون المرور بمسارات تأديبية علنية، وهو ما أثار مخاوف بشأن استقلالية القضاء ودفع المحكمة الإفريقية لحقوق الانسان نحو إصدار قرار بإبطاله.
بالتوازي، شهدت تونس سلسلة من التوقيفات أتت على جل الطيف المعارض للسلطة؛ ومنهم عصام الشابي من الحزب الجمهوري وغازي الشواشي من التيار الديمقراطي، وعشرات من القيادات الحزبية من حركة النهضة وغيرها.
ست سنوات على حكم قيس سعيد لتونس.. انتقادات متصاعدة و “غياب للإصلاحات”
تقرير: أميرة مهذب@AmiraMhadheb pic.twitter.com/okZOcwi3va— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) October 23, 2025
يضاف إلى ما تقدم ناشطون وصحافيون ومحامون وقضاة سابقون ووجوه من المجتمع المدني. وكان الاعتقال الأبرز لمنافس سعيّد في الانتخابات الرئاسية العياشي زمال.
وتؤكد السلطات أن هذه الاجراءات تُنفذ في إطار القانون وتهدف إلى مكافحة الفساد و”التآمر على أمن الدولة”.
في حين تشير منظمات حقوقية على غرار “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة العفو الدولية إلى مناخ من التضييق على الحريات وتراجع في مؤشرات حرية التعبير.
تونس أمام مفترق طرق
اقتصاديًا، تواجه تونس تحديات كبيرة، من ارتفاع نسب التضخم، إلى عجز في الميزانية وندرة متكررة في بعض المواد الأساسية، فيما لم تتجاوز نسبة النمو الاقتصادي 1.3% في السنوات الماضية.
في المقابل، تعثرت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وسط تحفظات رئاسية بأنها تمس السيادة الوطنية.
النتيجة: شارع تونسي يواجه ضغوطًا معيشية متزايدة في وقت لم تقدم فيه البلاد خارطة طريق اقتصادية واضحة المعالم.
وعليه، وبعد ست سنوات من حكم قيس سعيّد، تقف تونس اليوم أمام مفترق طرق حاسم: مشهد سياسي منغلق، وأزمة اقتصادية خانقة وحريات تتآكل تدريجيًا.
ويرى أنصار قيس سعيّد فيما حدث تصحيحًا لمسار مختل، بينما يراه خصومه انحرافًا عن روح ثورة 2011، وهو ما يعزل تونس، وفقهم، عن معايير الحكم الديمقراطي الدولي المتعارف عليها.
