![]()
تواصل إسرائيل انتهاكاتها وخرقها لاتفاقية فض الاشتباك وخطوط وقف إطلاق النار مع سوريا عبر توغلات متكررة في ريف القنيطرة، مستخدمة آليات عسكرية وجرافات لتثبيت وجود ميداني متدرج.
ويعكس الحدث الآني انتقالًا من الاستطلاع إلى فرض واقع جديد في الجنوب السوري، والحديث هنا عن أكثر من 12 عربة عسكرية ودوريات مؤلفة من دبابات.
وأطلقت قوات الاحتلال النار في الهواء لتفريق سوريين خرجوا اعتراضًا على الاعتداء الإسرائيلي في قرية صيدا الحانوت.
وتقوم نظرية إسرائيل في التوغل على اعتماد فلسفة الضربة الوقائية والمستمرة، حيث تشرعن تدخلها في سوريا بذريعة منع التمدد الإيراني، وحماية أمنها القومي، وبناء المنطقة العازلة.
لكنها في الجوهر وفق قراءات عديدة، تسعى لترسيخ معادلة الردع الأحادي، وتفكيك مفهوم السيادة السورية، مستثمرة المرحلة التي تمر بها الدولة الجديدة لإقامة نطاق رقابي متقدم يضمن لها السيطرة دون إعلان احتلال.
وفي موازاة التصعيد الميداني، يحضر الحديث عن مفاوضات بين تل أبيب ودمشق بعد لقاءات في جغرافيات مختلفة برعاية أميركية.
ويكشف المبعوث الأميركي توم براك، أن الجولة المقبلة من المفاوضات ستعقد بعد زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن، وهدفها وفقًا لموقع “أكسيوس” الأميركي التوصل إلى اتفاق أمني حدودي بين إسرائيل وسوريا قبل نهاية العام الحالي.
وكان الشرع قد تحدث سابقًا عن تقدم في التفاهمات الأمنية، فيما تتحدث إسرائيل عن “ضمانات ميدانية”، وبقاء دائم في جبل الشيخ ومواقع أخرى.
سوريا “تنتهج مبدأ التفاوض”
وفي هذا الصدد، يعتقد الكاتب والباحث السياسي ياسر النجار أن هناك تصورًا زمنيًا حتى نهاية العام الجاري يجب أن تمر به سوريا للتأكيد على الضمانات الأمنية لإعادة الإعمار، والتشجيع على ضخ أموال المستثمرين في البلاد، وألا يكون هناك عودة لفساد سياسي.
وفي حديثه إلى التلفزيون العربي من دمشق، يؤكد النجار أن زيارة الشرع ستنجز وفق مسار ما يعرف بمحاربة الإرهاب، مشيرًا إلى أنها ستطوي شراكة قوات التحالف الدولي مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي من المطلوب أن تحل نفسها حتى نهاية العام.
ويتابع النجار أن سوريا تبحث عن اتفاق أمني، ولا تريد أن تفتح أي معركة داخلية أو خارجية، منوهًا إلى أن “الدولة السورية تنتهج مبدأ أن يكون التفاوض السياسي هو الحل، لكونها في مرحلة انتقالية وتحتاج إلى إعادة إعمار وإنهاء ملف عودة اللاجئين”.
إسرائيل تريد “اتفاق استسلام سوري”
ومن حيفا، يتحدث مدير برنامج دراسات إسرائيل في مركز مدى الكرمل إمطانس شحادة عن سعي إسرائيل لاتفاق يضمن تحقيق رؤيتها ويفرض هيمنتها الأمنية والعسكرية والإستراتيجية بالمنطقة، مضيفًا أن تل أبيب “تريد اتفاق استسلام سوري، وأن يخضع النظام الجديد لإرادتها ورغبتها”.
ومن الصعب التوصل لاتفاق بالشروط الإسرائيلية، بحسب شحادة، الذي أوضح للتلفزيون العربي أن تل أبيب غير مستعجلة على التوصل لاتفاق، “لأنها تحصل على ما تريد عن طريق القوة وفرض واقع جديد على الأرض”، لافتًا إلى أن واشنطن تتبنى المطالب الأمنية الإسرائيلية الإستراتيجية.
ويضيف شحادة أن الاحتلال يريد منع أي تهديد أمني مستقبلي من سوريا ولبنان، وهو يحقق ما يريده من دون دفع أي ثمن. “كما أنه يعمل على بناء مواقع حماية جديدة داخل أراضي الدول العربية، وقام بذلك في سوريا وجنوب لبنان ويسعى لتحقيق ذلك في شمال قطاع غزة”.
الاتفاق في “خدمة للصهيونية”
ويرى محلل التلفزيون العربي للشؤون العسكرية والإستراتيجية محمد الصمادي أن ما يجري هو نوع من الحرب منخفضة الشدة، موضحًا من عمان أن سلوك إسرائيل لا يعكس حالة حرب كاملة، ولكن يمثل إستراتيجية استباقية للسيطرة الميدانية، مع الحفاظ على غطاء سلمي نسبي عبر تجنب مواجهات كبرى.
وتريد إسرائيل ترسيخ العديد من المفاهيم والمتعلقة بالوجود الميداني الدائم، وهذا التموضع الإستراتيجي سيكون طويل الأمد، وتسعى من خلاله أن تفرض قواعد اشتباك جديدة، وتخلق حزامًا أمنيًا يفصلها عن سوريا، بحسب حديث الصمادي للتلفزيون العربي.
ويشير الصمادي إلى أنه في حال انضمت سوريا إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، فإن “قواتها ستصبح بمثابة حرس حدود ضمن الإستراتيجية الأميركية لإعادة رسم المشهد الجيوسياسي بالمنطقة، وهذا يصب بشكل مباشر أو غير مباشر في خدمة الصهيونية”.
