![]()
استعادت الحرب في الفاشر مركزيةً في غرب السودان، إذ سقطت تحت سيطرة قوات الدعم السريع بعد حصار طويل؛ مما أعاد تشكيل خطوط الصراع.
وتتجه الأنظار الآن صوب ولاية شمال كردفان التي تشهد تحرّكاتٍ من جانب الدعم السريع من جهة، واستعداداتٍ من الجيش السوداني من جهة أخرى.
لماذا بدت ولاية شمال كردفان محورًا حاسمًا؟
- موقع المنطقة مهم: مدينة الأُبيّض هي عاصمة شمال كردفان، وتُعد مركزًا زراعيًا وتجاريًا، وتمرّ عبرها خطوط أنابيب النفط من الجنوب إلى الشرق.
- السيطرة على شمال كردفان تُمكّن “الدعم السريع” من تهديد التقدّم شرقًا وشمالًا، وفي المقابل فإن الجيش السوداني يرى في هذه الولاية ساحة مفتوحة لاستعادة النفوذ غربًا.
وتُسجّل معلومات منظمات حقوق الإنسان أن المدنيين يُدفعون إلى النزوح بكثافة من المنطقة بسبب المعارك وحوادث القصف والتهجير القسري.
مثلًا، في شمال كردفان، أُبلغ عن ضربات طائرات مسيّرة أسفرت عن قتلى من المدنيين.
خطوط التماس والتوزيع العسكري اليوم
تسيطر قوات الدعم السريع في الوقت الحالي تقريبًا على كامل إقليم دارفور غربي البلاد، عقب سقوط الفاشر، وتفتح جبهات جديدة في شمال كردفان.
وقد أُبلغ عن حوادث قتل جماعي خلال هجمات “الدعم السريع” على قرى دون أهداف عسكرية واضحة، مما يؤشر إلى تغيّر تكتيكي نحو السيطرة الميدانية والقضاء على مقاومة محلية.
أما الجيش السوداني، فيستمر في التمسّك بشرق وشمال السودان وبعض المواقع في شمال كردفان، ويقوم بعمليات استرجاع لمدن بلده. مثلاً، أُعلن أن الجيش استعاد منطقة إستراتيجية هي “أمّ سُمَيّة” في شمال كردفان بعد اشتباكات مع “الدعم السريع”.
كما تتواصل الضربات الجوية والهجمات بواسطة الجيش لاستهداف مواقع “الدعم السريع” وتقييد انتشارها في مناطق مثل شمال كردفان وغربها.
معارك حول مدينة الأُبيّض ومحاورها
محور شمال كردفان يشهد تحشيدات وهجمات متعددة: من بلدة (البارة) التي تبعد نحو 40 كيلومترًا عن الأُبيّض، إلى محاور جنوب شرق المدينة مثل الرّهد وأمّ روابة.
يشير ذلك إلى أن “الدعم السريع” تسعى إلى تطويق الأُبيّض من أكثر من اتجاه.
كما أن النزوح الجماعي من شمال كردفان نحو الخرطوم والنيل الأبيض يشير إلى تفاقم الوضع الإنساني.
تضاعف الانتهاكات والآثار على المدنيين
وقد رفع تقرير لمنظمة حقوق الإنسان أن “الدعم السريع” قتلت المئات في هجمات على قرى حول مدينة بارا، بينهم نساء وأطفال، واستخدمت الطائرات المسيّرة في ضرب المدنيين.
فقُصفت منشآت مدنية ومستشفيات في شمال كردفان على أنها “أهداف عسكرية” بحسب “الدعم السريع”، لكن يُنظر إليها على أنها انتهاكات كبيرة.
تعليقًا على المشهد، قال محمد الصمادي، محلل الشؤون العسكرية في التلفزيون العربي: إنّ الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها ميليشيات قوات الدعم السريع فاقمت من معاناة الشعب السوداني.
وأشار من عمان، إلى أنّ الحرب الدائرة في السودان تجاوزت حدودها الوطنية لتصبح ساحةً مفتوحة لتصفية الحسابات بين محاور إقليمية متنافسة.
وأضاف الصمادي أنّ تعدد الأجندات الإقليمية والدولية في المشهد السوداني يعقّد فرص الحل السياسي ويزيد من كلفة الصراع على المدنيين، مؤكدًا أنّ المواطن السوداني هو الخاسر الأكبر في هذه المواجهة التي تتشابك فيها المصالح الإقليمية.
وأوضح الصمادي أنّ المرحلة الراهنة تُعدّ من أخطر وأهم مراحل الحرب في السودان، موضحًا أنّ سقوط مدينة الفاشر شكّل نقطة تحوّل إستراتيجية، أعقبها محاولات لإعادة هندسة المشهد السياسي في البلاد عبر الضغط العسكري والميداني، في مسعى لإحداث واقع جديد يفرض موازين قوى مختلفة على الأرض.
