قصة حبيب الشرتوني وخفايا اغتيال بشير الجميل.. كيف كُشِف أمره؟

قصة حبيب الشرتوني وخفايا اغتيال بشير الجميل.. كيف كُشِف أمره؟

Loading

ملفٌ قديمٌ أُعيد طرحُه في لبنان مُجدّدًا رغم مرور 43 عامًا عليه، ويرتبطُ بـ”حبيب طانيوس الشرتوني” الذي نفّذ عملية اغتيال الرئيس اللبناني الأسبق بشير الجميّل في 14 سبتمبر/ أيلول 1982، فيما قُتل مع الأخير أشخاصٌ آخرون.

مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول عام 2025، طلب لبنان من وفدٍ سوريّ رسميّ زار بيروت كشف مصير حبيب الشرتوني، في ظلّ حديثٍ قديمٍ جديدٍ عن أنّه كان يقطنُ في سوريا خلال عهد نظام آل الأسد، وذلك بعدما جرى تهريبه من سجن رومية في لبنان عام 1990. وفي عام 2017، أصدر المجلس العدلي في لبنان حُكمًا قضى بإنزال عقوبة الإعدام بحقّ الشرتوني وتجريده من حقوقه المدنية.

ما يُعرف عن حبيب الشرتوني هو أنّه قتل بشير الجميّل، لكن تفاصيل العملية التي نفّذها وكيفية حصولها ومسألة اكتشاف أمره قد تكون مجهولة للكثيرين. وبما أنّ ملف الشرتوني أُعيد فتحه مُجدّدًا على صعيد لبنان الرسمي بطلبٍ من وزير العدل عادل نصّار، كان لا بُدّ من العودة بالذاكرة إلى خفايا وأسرار عملية الشرتوني لاغتيال الجميّل.. فكيف وُضِعت الخطة؟ وكيف نُفِّذت؟ وكيف كُشِف أمر الشرتوني؟

بشير الجميل.. من النشأة إلى الاغتيال 

البداية من بشير الجميّل، وهو الرئيس السابع للجمهورية اللبنانية بعد الاستقلال عام 1943، وذلك إثر انتخابه لهذا المنصب من قبل مجلس النواب اللبناني في 23 أغسطس/ آب 1982 خلفًا للرئيس الياس سركيس.

وُلد بشير الجميّل في بيروت عام 1947، وهو نجل بيار الجميّل مؤسس حزب “الكتائب اللبنانية“، وشقيق الرئيس اللبناني الثامن أمين الجميّل.

كان الجميّل من أبرز معارضي التيار اليساري في لبنان. وقد سافر عام 1972 إلى الولايات المتحدة لمتابعة تحصيله العلمي، لكنه عاد في العام نفسه لينخرط في العمل الحزبي داخل “حزب الكتائب”.

ومع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية في 13 أبريل/ نيسان 1975، رأى البعض أنّ الوجود الفلسطيني المسلّح هو السبب الرئيس وربّما الوحيد لتفجّر الحرب، فيما اعتبر آخرون أنّ السبب يكمن في النظام السياسي والطائفي في لبنان بشكلٍ أساسي. (1)

في يونيو/ حزيران 1976، تمّ تأسيس ما سُمّيت بـ”القوات اللبنانية” التي جمعت مجموعات قتالية خاضت معركة مخيم تل الزعتر الفلسطيني شرق بيروت وقامت بتدميره. وآنذاك، أدرك بشير الجميّل أهمية توحيد هذه الفصائل تحت قيادة واحدة.

عن تلك المرحلة، يقول السياسيّ اللبناني كريم بقرادوني، الذي تولّى رئاسة حزب “الكتائب اللبنانية” عام 2001 وكان من أقرب المُقرّبين إلى بشير الجميّل: “أراد بشير الجميّل وضع جميع القوات المسلحة في الجانب المسيحي تحت قيادة واحدة بعدما كانت هناك ميليشيات متعدّدة، وهو أمرٌ كان يُسفر عن حصول إشكالات تؤدي إلى سقوط ضحايا”

في حديثٍ خاص لموقع “التلفزيون العربي”، يقول بقرادوني إنّ “الجميّل اضطر إلى التعامل مع جميع الميليشيات لدفعها نحو التوحّد ضمن قوات واحدة، وفي بعض الأحيان اضطر إلى اللجوء للقوة للتعامل مع بعض الجهات من تلك الميليشيات”. ويضيف:

“في زمن الحرب لا يجوز أن تكون هناك رؤوسٌ متعدّدة، وفي النهاية تمّ الإجماع على أن يكون بشير الجميّل هو القائد الفعلي لتلك القوات، والهدف من توحيدها وتأسيسها هو تأمين الأمن في المناطق المسيحية في شرق بيروت من جهة، وتأمين الدفاع أيضًا عند خطوط التماس التي كانت تُشكّل حدود بيروت الشرقية في وجه بيروت الغربية خلال الحرب الأهلية، من جهة أخرى”.

قوات الردع العربية ودور سوريا

تبرز هنا محطة مهمّة في مسار العلاقة بين الجميّل و”الكتائب”، إذ شهدت توترًا كبيرًا إثر دخول “قوات الردع العربية” إلى منطقة الأشرفية عام 1976؛ فقد عارض الجميّل بشدّة هذا التدخّل، في حين أيّده حزب “الكتائب”. (2)

يذكَر أنّ “قوات الردع العربية” كانت وحدات قتالية تشكّلت من دول عربية مختلفة، وكان هدفها المعلن وقف الحرب الأهلية اللبنانية وحفظ الأمن الداخلي، على أن تكون تحت إمرة رئيس الجمهورية اللبنانية شخصيًا، وكان الياس سركيس رئيسًا للجمهورية في تلك الفترة.

وتشكّلت هذه القوات خلال مؤتمر طارئ عُقد في الرياض في أكتوبر/ تشرين الأول 1976، بمبادرة من السعودية والكويت، وبمشاركة مصر وسوريا ولبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية، لبحث الأزمة اللبنانية وسبل معالجتها.

وخلال هذا المؤتمر، جرى الاتفاق على أن تتألّف قوة الردع من 30 ألف مقاتل من دول عربية مختلفة، ولاسيما السعودية وليبيا والسودان والإمارات واليمن وسوريا. (3)

وانتشرت تلك القوات في مناطق لبنانية متعددة اعتبارًا من نوفمبر/ تشرين الثاني، في حين تمركزت القوات السورية التي كانت قد دخلت لبنان عام 1976 بشكل خاص في المناطق الشرقية من بيروت، الخاضعة آنذاك لأطراف مسيحية.

ومع الوقت، ظهرت خلافات داخل قوات الردع، خصوصًا بين قائدها العقيد أحمد الحاج وضباط سوريين، ما أدّى إلى تعيين المقدّم سامي الخطيب قائدًا جديدًا لها. ومع ذلك، وقعت صدامات بين القوات السورية من جهة وميليشيا “القوات اللبنانية” من جهة أخرى، بقيادة الجميّل الذي أطلق حرب “تحرير المناطق المسيحية” من الوجود السوري.

في تلك الفترة، كان التقارب السوري – الفلسطيني يتعزّز، فيما بدا أن القوات السورية تسعى إلى تكريس نفوذها. وعام 1978، شكّلت زيارة الرئيس المصري أنور السادات إلى القدس محطة أساسية ساهمت في تسريع انسحاب “قوات الردع” من لبنان تباعًا، لتبقى القوات السورية وحدها اعتبارًا من عام 1979. ومنذ ذلك العام، ظلّ الوجود العسكري السوري في لبنان حتى خروجه عام 2005، أي ما يقرب من 29 عامًا. (4)

بعد 43 عامًا على اغتيال بشير الجميّل، يعود اسم حبيب الشرتوني إلى الواجهة كأحد أكثر ملفات الحرب الأهلية إشكالية في لبنان، تتقاطع فيه السياسة بالقضاء، وتُستعاد معه ذاكرة مرحلة كاملة من تاريخ البلاد.

خلال الحرب اللبنانية، انقسمت بيروت إلى شطرين: شطر غربي يغلب عليه الوجود المسلم، وآخر شرقي ذو غالبية مسيحية، وبينهما كان يمتد ما عُرف بـ”الخط الأخضر” الذي يفصل بين بيروت الغربية وبيروت الشرقية، وضمنه اندلعت أشرس المعارك نظرًا لوجود خطوط التماس القتالية.

وفي الواقع، كان كل شطر من هذين الشطرين خاضعًا لسلطة عدد من الجماعات والأحزاب: ففي بيروت الغربية، برزت قوى مثل حركة “أمل”، و”المرابطون”، و”الحزب الشيوعي اللبناني”، و”منظمة التحرير الفلسطينية” وغيرها من الأحزاب، بينما في بيروت الشرقية كانت “القوات اللبنانية”، وحزب “الكتائب اللبنانية”، وحزب “الوطنيين الأحرار” وغيرها من الأطراف هي الأكثر حضورًا.

اتفاق القاهرة 1969

في سياق مرتبط، تعزّز دور الفلسطينيين في لبنان عام 1969 عقب توقيع “اتفاق القاهرة” بين زعيم “منظمة التحرير الفلسطينية” آنذاك ياسر عرفات من جهة، والدولة اللبنانية من جهة أخرى. وبموجب هذا الاتفاق، مُنح الفلسطينيون الحقّ في إدارة المخيمات التي أقاموها في لبنان بعد تهجيرهم عام 1948، كما انخرطوا في الكفاح المسلّح بالتنسيق مع الجيش اللبناني.

إلى ذلك، ساهم الاتفاق في تطوير النشاط العسكري للفلسطينيين ضدّ إسرائيل انطلاقًا من جنوب لبنان، وتحديدًا عبر تنفيذ ما كان يُعرف بـ”العمليات الفدائية”. وأتاح دخول السلاح إلى المخيمات الفلسطينية وإقامة معسكرات تدريب في جنوب البلاد. (5)

وفعليًا، أدّى ذلك إلى تطوّر حركة المقاومة الفلسطينية في لبنان وتحوّلها إلى قوة رئيسية، ما دفعها إلى تكثيف هجماتها المسلحة ضد إسرائيل.

ووفق ما يرد في منشور لمؤسسة “الدراسات الفلسطينية”، فإنّ نشاط الفلسطينيين في لبنان، خصوصًا على مستوى الكفاح المسلح، جعلهم هدفًا أساسيًا للأطراف اللبنانية “اليمينية”، علمًا أنَّ حزب “الكتائب اللبنانية” الذي كان ينتمي إليه الجميّل يُعدّ من أبرز هذه الأحزاب في لبنان.

اجتياح لبنان 1982

في ذروة الحرب الأهلية، نفّذت إسرائيل عام 1978 عملية عسكرية احتلّت بموجبها جزءًا من جنوب لبنان بذريعة إبعاد “منظمة التحرير الفلسطينية” عن حدودها. لكنّ التطوّر الأبرز جاء في عام 1982، حين شنّت إسرائيل اجتياحًا عسكريًا واسعًا على لبنان، ووصلت إلى مشارف العاصمة بيروت، مطلقة على عمليتها اسم “سلامة الجليل” بذريعة ضرب “منظمة التحرير الفلسطينية” الموجودة في لبنان.

في عام الاجتياح نفسه (1982)، تعرّضت المنظمة الفلسطينية لضغوط شديدة انتهت بموافقتها على مغادرة لبنان بموجب اتفاق توصّل إليه المبعوث الأميركي ورئيس الوزراء اللبناني حينها شفيق الوزّان في 11 أغسطس/ آب 1982. وعمليًا، غادرت المنظمة، وعلى رأسها ياسر عرفات، لبنان مع نحو 14 ألف مقاتل فلسطيني باتجاه تونس ودول أخرى، بمواكبة قوات متعدّدة الجنسيات. (6)

في ذلك السياق، أعلن بشير الجميّل في يوليو/ تموز 1982 ترشّحه لانتخابات رئاسة الجمهورية، وفي 23 أغسطس من العام نفسه انتخبه البرلمان بـ57 صوتًا في جلسة عُقدت في المدرسة الحربية للجيش اللبناني في الفياضية، حضرها 62 نائبًا.

وكان من المفترض أن يتسلّم الجميّل مهامه الرئاسية رسميًا في 23 سبتمبر/ أيلول 1982 من الرئيس الياس سركيس، لكنّه اغتيل في 14 سبتمبر في تفجير استهدف بيت “الكتائب” في الأشرفية.

من هو حبيب الشرتوني؟ 

حين نفّذ حبيب الشرتوني عملية اغتيال بشير الجميّل، كان في الرابعة والعشرين من عمره.

اسمه الكامل “حبيب طانيوس الشرتوني”، من مواليد بلدة شرتون في جبل لبنان في 24 أبريل/ نيسان 1958، ويحمل شهادة في المجال الصناعي من غرفة التجارة والصناعة في فرنسا.

عمل الشرتوني في شركة “تمام” للإعلانات التابعة لجريدة “النهار” اللبنانية، وانتمى إلى “الحزب السوري القومي الاجتماعي” في سبعينيات القرن الماضي.

وارتبط بعلاقة وثيقة بالقيادي في الحزب السوري القومي الاجتماعي نبيل العلم، الذي خطط لاغتيال بشير الجميّل، وكلّف الشرتوني بتنفيذ العملية.

تفاصيل عملية الاغتيال.. القصة الكاملة  

موقع “التلفزيون العربي” التقى أسعد شفتري، أحد المسؤولين الأمنيين السابقين في “القوات اللبنانية” التي كان يقودها الجميّل.

كان الجميّل قد أطلق على شفتري لقب “آسو”، وهو اللقب الذي عُرف به بين رفاقه وما زالوا حتى اليوم يُنادونه به.

شفتري هو الذي تولّى التحقيق مع الشرتوني بعد توقيف الأخير إثر تنفيذه عملية اغتيال بشير الجميّل، ويروي لموقع “التلفزيون العربي” تفاصيل دقيقة عن المراحل التي سبقت الحادثة وتلك التي رافقتها وما تلاها. فما الذي كشفه؟ وما الذي ترويه التقارير والمحاضر المنشورة عن الاغتيال؟

نُفّذت عملية اغتيال بشير الجميّل عند الساعة الرابعة وعشر دقائق من بعد ظهر الثلاثاء 14 سبتمبر 1982، داخل بيت الكتائب في الأشرفية.

في ذلك اليوم، كان الجميّل موجودًا في بيت الكتائب يتحضّر لإلقاء خطاب كما جرت العادة، وكان مجتمعًا مع قيادات من “الكتائب”، وقد قُتل عدد منهم جراء الانفجار.

وكان الجميّل يداوم على الحضور إلى بيت الكتائب في موعدٍ ثابت ومحدّد، حيث يلتقي الناس العاديين، ويتحاور معهم، ويعرض عليهم أفكارًا جديدة للوقوف عند آرائهم.

يقول الشفتري:

“الجميّل لم يكن بمنأى عن التهديدات أصلًا، وإثر انتخابه رئيسًا للجمهورية في أغسطس 1982، طُلب منه ألّا يتنقّل كثيرًا وألّا يخرج إلى أي مكان في أي وقت. وقيل له أيضًا إنه، بعد تسلّم زمام الحكم، عليه أن يلتزم البقاء في القصر الرئاسي في بعبدا، وأن تُعقد لقاءاته هناك لا في أي مكانٍ آخر، وذلك حفاظًا على سلامته وأمنه”.

صدرت هذه التوصيات عن الجهات الأمنية في “القوات اللبنانية”. ومع ذلك، حضر الجميّل في 14 سبتمبر إلى بيت الكتائب في توقيتٍ اختاره بنفسه، وهناك وقع الاغتيال.

ما إن وقع الانفجار حتى عمّت الصدمة. وفي اللحظات الأولى بعد التفجير، قيل إنّ الجميّل ما زال حيًّا وإنه خرج من بيت الكتائب وصافح الحشود قبل مغادرة المكان. وقد بثّت إذاعة “صوت لبنان” الناطقة باسم “الكتائب” فعلًا خبرًا أوليًا يفيد بأن الجميّل ما زال على قيد الحياة، قبل أن تُعلن لاحقًا نبأ مقتله، وتخيّم أجواء الحزن على منطقة شرق بيروت التي كانت تحكمها الأطراف المسيحية، وفي مقدمتها “الكتائب” و”القوات”.

كيف تمّ اكتشاف أمر الشرتوني؟

من المعطيات اللافتة التي يرويها شفتري أنّه قبل عام واحد من الاغتيال، أي في عام 1981، وصلت إلى “القوات اللبنانية” معلومة تفيد بأنّ شخصًا من آل الشرتوني ينتمي إلى “الكتائب” يُحضّر لعملية اغتيال الجميّل. على الأثر، بدأ التحقيق في الموضوع، وتمّ اقتياد كل من يحمل كنية الشرتوني في “الكتائب” إلى التحقيق. لكنّ المعلومة الأساسية كانت تعاني من ثغرة كبيرة، بحسب شفتري، إذ “لم يكن هناك اسمٌ محدّد، وكل ما قيل هو أن شخصًا من عائلة الشرتوني يُحضّر لعملية الاغتيال، من دون تحديد مواصفات أو أي تفاصيل أخرى”.

لكن، بعد تحقيقات مستفيضة، لم يتوصّل الجهاز الأمني في “القوات” إلى تحديد الشخص المقصود، فبقي اسمه مجهولًا، وكل ما عُرف أنّه من آل الشرتوني. لذلك ظلّت تلك المعلومة مدوّنة في سجلات الأجهزة الأمنية التابعة لـ”الكتائب” و”القوات” من دون إهمالها، ثم أُعيد استحضارها بعد اغتيال الجميّل وشكّلت طرف الخيط الذي قاد في النهاية إلى اكتشاف دور حبيب الشرتوني.

إذًا، كيف تمّ اكتشاف أمر الشرتوني؟ في الواقع، فإنّ العنصر الحاسم في كشف أمر الشرتوني كان شقيقته نوال، التي شوهدت في محيط الانفجار وهي تسأل باضطراب عن شقيقها الذي كان قد أبلغها أنّه سيتواجد في نقطة قريبة من مكان التفجير، حيث كان يفترض أن ينتظرها للذهاب معًا إلى مستشفى رزق القريب. غير أنه اختفى من هناك ولم يكن في النقطة المحدّدة.

يقول شفتري لموقع “التلفزيون العربي”:

“ظنّت نوال الشرتوني أنّ شقيقها حبيب بات في عداد المفقودين جراء الانفجار، فبدأت تسأل من حولها عنه بقلق شديد، إلى أن لفتت حركتها انتباه جهازي أمن الكتائب والقوات، فتمّ سؤالها عن هوية شقيقها ومواصفاته. عندها، أُبلغ المعنيون بالأمر، وتمّ ربط ما قالته بالمعلومة القديمة عن شخص من آل الشرتوني كان ينوي اغتيال الجميّل. تمّت مقاطعة المعلومات والحيثيات، وأُجريت على الفور عمليات استخباراتية سريعة أسفرت عن تحديد مكان منزل الشرتوني في حي الناصرة في الأشرفية”.

يوم الخميس 16 سبتمبر 1982، دهمت مجموعة من عناصر “القوات” منزل الشرتوني، وتمّ اقتياده إلى التحقيق، علمًا أنّه كان قد أمضى اليوم السابق في بلدة شرتون مسقط رأسه، أي بعد يوم واحد من تنفيذ العملية. وللتوضيح، فإنّ المنزل الذي أُوقف فيه الشرتوني لم يكن ملكه بل لخالته، وهو كان يشغله ويستخدمه.

الشرتوني يعترف.. بهدوء تام وأعصاب باردة

بعد توقيفه، نُقل الشرتوني إلى غرفة التحقيق. وبحسب ما يروي شفتري، فقد حاول الموقوف في البداية “تقديم معلومات غير صحيحة، لكنه عاد بعد ذلك وأقرّ بكل شيء، وقال بهدوءٍ تام وبأعصاب باردة إنّه هو من قتل بشير الجميّل”.

فوجئ المحققون بطريقة اعترافه؛ إذ بدا ثابتًا ومتماسكًا، وسرد تفاصيل التخطيط والتنفيذ بهدوء، وتحدّث عن كل ما قام به، فدوّنت إفادته في محاضر تحقيق مفصّلة.

يقول الشفتري:

“روى الشرتوني، الذي كشف أنه من الحزب السوري القومي الاجتماعي، تفاصيل خطة الاغتيال، وقال للمحققين إنه كان على علاقة بشخصٍ يُدعى نبيل العلم من الحزب السوري القومي، وإن الأخير هو من خطّط للعملية، فيما تولّى هو تنفيذها”.

وأوضح الشرتوني أنّه كان يلتقي نبيل العلم في بيروت بعد أن تعرّف إليه في فرنسا خلال زيارة قام بها إلى هناك، وتوطدت العلاقة بينهما. ومع الوقت، طرح العلم عليه فكرة اغتيال الجميّل، وتواصل البحث بينهما إلى أن تقرّر التنفيذ.

كان العلم يقيم في مبنى بمنطقة القنطاري في بيروت عند أطراف شارع الحمرا، وهناك سلّم الشرتوني متفجّرات من نوع “TNT”، فنقلها أولًا بسيارة والده إلى منزله في الناصرة في الأشرفية، ثم أعاد نقلها تباعًا إلى شقة في المبنى نفسه الذي يضمّ بيت الكتائب المركزي، مستخدمًا حقائب سوداء.

وعمليًا، فإنّ الشقة التي خزّن فيها الشرتوني المتفجّرات، أي الشقة الواقعة فوق بيت الكتائب، هي التي انطلقت منها عملية اغتيال الجميّل، بواسطة كمية من المتفجّرات تجاوزت 200 كيلوغرام، وفق ما ذكرت صحيفة “السفير” اللبنانية في عددها الصادر بعد التفجير بيوم واحد. (7)

كيف استطاع الشرتوني الوصول إلى الشقة فوق بيت الكتائب؟

تبيّن أنّ المبنى الذي يضم بيت الكتائب كان يحتوي على شقة لجدّ الشرتوني، نعمان صابر، وكانت شقيقته نوال تقيم فيها. كما كانت هناك شقة أخرى فارغة تعود لعائلة من آل كريّم، وهي الشقة نفسها التي استخدمها الشرتوني لتنفيذ عمليته، إذ كانت تقع مباشرة فوق بيت الكتائب، وهناك وضع المتفجّرات.

وبتفصيلٍ أوضح، كان الطابق الأرضي من المبنى مشغولًا من قبل حزب “الكتائب”، فيما يضمّ الطابق الأول شقتين: غربية تعود لآل كريّم، وهي التي وُضعت فيها المتفجّرات، وشرقية تسكنها عائلة من آل شاهين. أما الطابق الثاني، فيضم شقة واحدة تشغلها عائلة الشرتوني مع جدّه نعمان صابر. وللتنويه، فإن الطابقين الأول والثاني كان لهما مدخل مستقلّ من شارع ساسين، بينما كان للطابق الأرضي مدخل خاص، أي إن دخول مقرّ الكتائب كان يتم عبر مدخل منفصل عن مدخل الشقق السكنية، وهو ما يؤكده شفتري في حديثه لموقع “التلفزيون العربي”. (8)

وبحسب محاضر تحقيق سبق أن نشرتها صحيفة “الجمهورية” اللبنانية، فإنَّ الشرتوني دخل أول مرة إلى شقة آل كريّم من شرفة المطبخ التي كان يمكنه الوصول إليها عبر سُلّم المبنى، من دون أن يثير انتباه أحد، ثم خرج من الباب الرئيسي للشقة مع تركه مواربًا قليلًا. وبعد فترة، وجد أن الباب قد أُغلق، فعاد ليدخل مجددًا من شرفة المطبخ، كما فعل في المرة الأولى، لإدخال المتفجّرات داخل حقائب جلدية. (9)

بعد ذلك، عمد الشرتوني إلى تجهيز المواد المتفجّرة ووضعها في مكان مرتفع داخل الغرفة التي كان ينوي إطلاق التفجير منها، بهدف إحداث انفجار ارتجاجي قوي، وفق ما يقول شفتري لموقع “التلفزيون العربي”.

ويشير شفتري إلى نقطة أخرى مهمّة، هي أن حزب “الكتائب” كان قد قرّر استملاك الشقق في مبنى بيت الحزب، وبدأ فعليًا هذا المسار قبيل اغتيال الجميّل بهدف تحويل المبنى بأكمله إلى ملكية للحزب.

ويشرح أنّ المفاوضات انطلقت عام 1979 عبر مسؤول “الكتائب” في الأشرفية جان ناضر. ومنذ ذلك التاريخ، بدأت المفاوضات مع روبير شاهين، مالك الشقة الشرقية في الطابق الأول، لإخلاء المكان، فطلب الأخير مبلغ 400 ألف ليرة لبنانية، لكنّ “الكتائب” اعتبرت المبلغ مرتفعًا. بعدها، انتقل التفاوض إلى عائلة كريّم، وتم الاتفاق على أن تتقاضى العائلة 130 ألف ليرة مقابل تعهدها بإخلاء الشقة في مهلة أقصاها 30 يونيو/ حزيران 1982.

وهكذا، أخلت عائلة كريّم الشقة، بينما بقيت عائلة شاهين في شقتها، وأُصيبت خلال التفجير. أما جدّ الشرتوني نعمان صابر ووالدته وخالاته، فقد تقاضوا مبلغ مليوني ليرة لبنانية بدل قيمة العقار ككل، باعتبار أن صابر كان مالكه الأصلي. غير أنّ عائلة الجد حازت على إذن من “الكتائب” بالبقاء في الشقة في الطابق الثاني، ولم تكن قد أخلتها حين وقع التفجير، والدليل على ذلك أن شقيقة الشرتوني كانت في هذا المنزل فوق بيت الكتائب قبل تنفيذ المخطّط، من دون وجود أي شخص آخر معها.

كيف جرت عملية الاغتيال؟

نُفّذت عملية التفجير بواسطة حقيبة كبيرة تسلّمها الشرتوني من نبيل العلم، وكانت تحتوي على جهاز مخصص للتفجير عن بُعد، إلى جانب تجهيز تقني خاص عمل عليه الشرتوني بإشراف العلم، يتيح له تنفيذ الانفجار وفق الآلية المتفق عليها، وهو ما حصل فعلًا.

في يوم العملية، وبعد أن بات كل شيء جاهزًا، حاول الشرتوني إخراج شقيقته من المنزل في مبنى بيت الكتائب، فاتصل بها من الخارج مدعيًا أنه غير قادر على قيادة السيارة بسبب تشنّج عضلي. هذه الحجة كانت وسيلته لدفعها إلى مغادرة الشقة، وقد حصل ذلك فعلًا. كان ذلك بعد ظهر الثلاثاء 14 سبتمبر، أي قبل وقت قصير من التفجير، وطلب منها أن تلتقيه في ساحة ساسين في الأشرفية شرق بيروت، فتوجّهت نوال إلى المكان قبل الانفجار بدقائق.

ما إن خرجت شقيقته من المنزل، حتى اندفع الشرتوني إلى منزله في حي الناصرة وفتح الحقيبة التي تحتوي على جهاز التفجير، واعتمد الطريقة التي شرحها له العلم، ثم نفّذ الانفجار. دوّى انفجار ضخم هزّ بيت الكتائب في الأشرفية وأدى إلى مقتل بشير الجميّل.

وخلال التحقيقات، أقرّ الشرتوني بأنّه وضع المتفجّرات مباشرة فوق النقطة التي تتواجد فيها طاولة اجتماعات الجميّل وكرسيه على وجه التحديد.

بعد توقيفه، نُقل الشرتوني إلى غرفة التحقيق. وبحسب ما يروي شفتري لموقع التلفزيون العربي، فقد حاول الموقوف في البداية “تقديم معلومات غير صحيحة، لكنه عاد بعد ذلك وأقرّ بكل شيء، وقال بهدوءٍ تام وبأعصاب باردة إنّه هو من قتل بشير الجميّل”

بعد التفجير، توجّه الشرتوني إلى مكان الانفجار للاطمئنان عمّا إذا كانت شقيقته بخير، إذ لم يكن يعرف إن كانت قد غادرت المبنى قبل التفجير أم لا. وهناك التقى بعض أقاربه الذين أبلغوه بأنها اتصلت بهم بعد الحادث. بعدها، انتقلت العائلة إلى بلدة شرتون في الجبل، حيث أمضت نهار الأربعاء هناك، ثم عاد الشرتوني الخميس إلى بيروت، وتحديدًا إلى حي الناصرة في الأشرفية، قبل أن يُعتقل ليلًا على يد عناصر “القوات”.

بعد اعتقاله واستجوابه، أُدخل الشرتوني إلى زنزانة انفرادية، وأبلغ المحققين عن حقيبة جهاز التفجير، قائلاً إنه رماها في محيط منزل مهجور قرب منزله في الناصرة. عندها، تقرّر إرسال قوة أمنية لاستعادة الحقيبة.

وبعد دقائق قليلة، بدأ الشرتوني يطرق باب الزنزانة ملحًّا على استدعاء المحققين، ليبلغهم بضرورة تنبيه القوة الأمنية، لأن الحقيبة كانت مُفخّخة.

بحسب رواية شفتري، توجّهت القوة ومعها خبراء متفجّرات إلى المكان الذي وصفه الشرتوني بدقة، فعثرت على الحقيبة وتعاملت معها بحذر، ليتبيّن أنها كانت فعلًا مُفخّخة وأنها كانت ستنفجر عند فتحها.

بعد انتخاب أمين الجميّل، شقيق بشير، رئيسًا للجمهورية بعد أيام من الاغتيال، نُقل الشرتوني إلى سجن في منطقة بكفيا في جبل لبنان، حيث تمكّن من الفرار قبل أن يُلقى القبض عليه مجددًا من قبل قوة خاصة من “القوات اللبنانية”. وبعدها، نُقل إلى سجن خاص مُحصّن، إلى أن سُلّم إلى الدولة اللبنانية في 30 أبريل/ نيسان 1983، حيث خضع لتحقيق جديد وأودِع في سجن رومية في جبل لبنان، وبقي فيه حتى أكتوبر/ تشرين الأول 1990.

في تلك السنة، تمكّن من الفرار من السجن خلال هجمات شنّتها قوات النظام السوري على مواقع الجيش اللبناني الموالية للحكومة العسكرية التي كان يرأسها ميشال عون. ففي 13 أكتوبر 1990، استهدفت القوات السورية قصر الرئاسة في بعبدا ومراكز عسكرية أخرى، في إطار إنهاء المواجهة بين عون والسلطة المنبثقة عن اتفاق الطائف برئاسة الياس الهراوي. وقد جاء هذا الهجوم بقرار من مجلس الوزراء اللبناني الذي طلب مؤازرة سورية للجيش اللبناني، وفي ظل هذه الفوضى الأمنية والعسكرية تمكّن حبيب الشرتوني من الفرار من سجن رومية. (10)

اجتماع في إسرائيل قبل الاغتيال 

يقول السياسي اللبناني كريم بقرادوني إنّ اغتيال الجميّل جاء نتيجة قرار اتّخذه “الكتائبيون” بتسلم الحكم، مشيرًا إلى أن الخاسر الأكبر من هذا الاغتيال كان حزبي “الكتائب” و”القوات اللبنانية”. ويضيف:

“بعد اغتيال الجميّل، تأثّر الشارع المسيحيّ بشكل كبير، وإثر تسلّم أمين الجميّل، شقيق بشير، رئاسة الجمهورية، استعاد حزب الكتائب الموقع الذي كان مُعدًّا أساسًا لبشير. لكن الحقيقة أنّ أمين الجميّل لم يستطع تعويض الشعبية والنفوذ اللذين كان يتمتع بهما بشير الجميّل، وهما من أبرز الصفات التي مكّنته من قيادة الكتائب والقوات معًا”.

ويتابع بقرادوني أنّ “بشير استطاع أن يقود حزبين في آن واحد؛ فقد كانت القوات تحت رئاسته، وحزب الكتائب تحت قيادته، ومن يمسك الأمن يستطيع أن يمسك السياسة، وهذه نظرية حقيقية”.

أما في ما يخص علاقة بشير الجميّل بإسرائيل، فلا ينفي شفتري أنّ إسرائيل كانت “حليفًا” لـ”الكتائب” خلال الحرب، في حين يقول بقرادوني: “رغم أن بشير كان على علاقة مع إسرائيل، إلا أنّ للأخيرة مصلحة في اغتياله”. ويردف:

“عندما انتُخب بشير الجميّل رئيسًا للجمهورية، توجّه إلى نهاريا في فلسطين المحتلة مطلع سبتمبر 1982، أي قبل اغتياله بنحو أسبوعين، واجتمع هناك مع مناحيم بيغين، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، وآرييل شارون، وزير الدفاع في ذلك الحين.

دخل الجميّل الاجتماع فرأى بيغين يحمل مجموعة أوراق. وخلال الجلسة، قال بيغين للجميّل: أنت وعدتنا بتوقيع سلام مع إسرائيل، وعليك أن توقّع الآن. عندها، ردّ الجميّل قائلًا: أولًا، لم أستلم بعدُ صلاحيات الرئاسة، وبالتالي لا أستطيع التوقيع. وفي حال تسلّمت الحكم، يجب أن يكون معي رئيس الحكومة كي أتمكّن من التوقيع، لأنني لا أقدم على هذه الخطوة منفردًا، وبالتالي يكون توقيعي مقرونًا بتوقيع رئيس الحكومة، فضلًا عن أنّ هناك مجلس النواب بوصفه مؤسسة دستورية في لبنان، وأعضاؤه يجب أن يصوّتوا على المعاهدة، فالبرلمان له دور أساسي في الحكم، خصوصًا في ما يتصل بالمعاهدات.

لم يَرُق كلام الجميّل لبيغين، فوضع أوراقه جانبًا وقال له: (هيأتك متلك متل العرب). وبعد ذلك، عاد بشير إلى لبنان بعدما لمس أنّ إسرائيل تريد منه أن يدفع ثمن مساهمتها في إيصاله إلى رئاسة الجمهورية، وهذه المساهمة تمثّلت في دخول إسرائيل إلى لبنان وإخراج منظمة التحرير الفلسطينية التي كان بشير الجميّل يرفض وجودها في لبنان”.

أمام ذلك، يرى بقرادوني أنّ “ثلاثة أطراف كانت تملك مصلحة وقدرة على قتل بشير الجميّل: الطرف الأول سوريا، والثاني إسرائيل، والثالث الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي اتخذ قرار اغتياله”. ويضيف:

“من نفّذ العملية أولًا هو الحزب السوري القومي عبر حبيب الشرتوني، لأنّ الأخير اعترف بذلك، لكن لا شيء كان يمنع الأطراف الأخرى من الإقدام على هذه الخطوة، وفي طليعتها إسرائيل”.

بعد 43 عامًا على اغتيال بشير الجميّل، يعود اسم حبيب الشرتوني إلى الواجهة ليس فقط بوصفه منفّذًا لعملية اغتيال غيّرت مسار الأحداث في لبنان، بل كأحد ملفات الحرب الأهلية التي لم تُطوَ صفحتها بعد. فإعادة طرح قضيته رسميًا، في ظل حكمٍ غيابي بالإعدام وطلبٍ لكشف مصيره، تعيد هذا الاغتيال إلى سياق أوسع يطال العلاقة اللبنانية – السورية ودور الأحزاب المسلحة وكيفية تعاطي الدولة مع إرث تلك المرحلة.

المراجع:  

* مقابلة خاصة لموقع “التلفزيون العربي” مع أسعد شفتري، قيادي سابق في “القوات اللبنانية” وتولى التحقيق مع حبيب الشرتوني 
* مقابلة خاصة لموقع “التلفزيون العربي” مع كريم بقرادوني، وزير لبناني سابق وقيادي سابق بارز في حزب “الكتائب” 
(1): تراكمات طويلة.. أسباب اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية – موقع التلفزيون العربي 
(2): مقال عن سيرة حياة بشير الجميل تحت عنوان: “بشير الجميل: الحلم اللبناني الجميل” – موقع “القوات اللبنانية” 
(3): كتاب “لبنان من دويلات فينيقيا إلى فيدرالية الطوائف”، فهد حجازي، 2013 
(4): مقال بعنوان: “قوات الردع العربية بدأت عربية من عدة دول وانتهت سورية”، الدولية للمعلومات، 2014 
(5): حكمتها المخابرات والحروب.. حكاية المخيمات الفلسطينية في لبنان وسلاحها – موقع التلفزيون العربي 
(6): مجزرة صبرا وشاتيلا: 43 ساعة من القتل في حقائق دقيقة – موقع التلفزيون العربي 
(7): صحيفة السفير اللبنانية، عدد 3005، تاريخ 15 أيلول/سبتمبر 1982 
(8): صحيفة نداء الوطن اللبنانية، ماذا خفي من أسرار في اغتيال الرئيس بشير الجميل؟ 10 أيلول/سبتبمبر 2021 
(9): ملف التحقيق الكامل مع حبيب الشرتوني، موقع القوات اللبنانية 
(10): شركة الدولية للمعلومات مقال تحت عنوان: “ 13 تشرين الأول 1990 : السيطرة السورية الكاملة على لبنان”