![]()
في إنجاز تاريخي، فاز مرشح الحزب الديمقراطي زهران كوامي ممداني بمنصب عمدة مدينة نيويورك بعد حصوله، وفق النتائج الأولية، على 50.4% من الأصوات، ليصبح بذلك أول مسلم يتولى هذا المنصب في تاريخ المدينة.
قبل عام واحد فقط، كان ممداني يقف على ناصية أحد شوارع نيويورك، ممسكًا بميكروفون صغير، يُحاول إقناع المارّة بالحديث عن السياسة والانتخابات.
في ذلك الوقت، لم يكن أحد يتوقّع أن يحصد أكثر من 1% في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي.
لكنّ مسيرته انطلقت بسرعة غير متوقّعة، معتمدًا على حملة انتخابية مبتكرة ركّزت على قضايا تمسّ حياة المواطنين اليومية.
وطرح ممداني في حملته مجموعة من الوعود الجريئة، من أبرزها تجميد الإيجارات لنحو مليوني مواطن من ذوي الدخل المحدود، وتوفير خدمات نقل ورعاية أطفال مجانية، إلى جانب مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة في واحدة من أغلى مدن العالم.
كما عُرف بمواقفه السياسية الجريئة، إذ انتقد سياسات الهجرة الأميركية وتبنّى خطابًا صريحًا تجاه ما يحدث في قطاع غزة، واصفًا ما يجري هناك بأنّه “إبادة جماعية”، مؤكّدًا أنّه “في حال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لنيويورك، سيُواجه المساءلة القانونية”.
ومدينة نيويورك، التي تعدّ عاصمة المال والأعمال والإعلام في الولايات المتحدة، احتضنت بذلك شخصية سياسية جديدة تُمثّل جيلًا صاعدًا من القيادات التي تتحدّى التقاليد الحزبية القديمة، وتمنح صوتًا للفئات التي طالها التهميش لعقود.
تحديات تُواجه ممداني
ويدخل زهران ممداني مرحلة جديدة من مسيرته السياسية، وسط تحديات كبيرة على المستويين الداخلي والعملي، وفقًا لمراسل التلفزيون العربي من مقر حملة ممداني في نيويورك محمد بدين.
وأوضح مراسلنا أنّه على الرغم من الدعم الشعبي الذي يحظى به، خصوصًا من فئات الأقليات والمسلمين، فإنّ ممداني يُواجه مُقاومة واضحة من المؤسسة السياسية التقليدية في نيويورك، بما في ذلك الجمهوريون وبعض أجنحة الحزب الديمقراطي نفسه.
وأبرز الملفات التي تعهّد ممداني ببدء العمل عليها فور تسلّمه المنصب تشمل تجميد الإيجارات المخفّضة لما يقارب مليوني نيويوركي من ذوي الدخل المحدود، إلى جانب إطلاق مشروع الباصات المجانية في الأحياء الفقيرة.
كما تعهّد بتوفير محال بقالة بأسعار مدعومة للمناطق الأكثر احتياجًا، إضافةً إلى تحديث شبكة مترو نيويورك وفرض ضريبة بنسبة 2% على الأثرياء لتمويل الخدمات العامة، في خطوة مثيرة للجدل من المتوقع أن تُواجه اعتراضات قوية من القوى الاقتصادية والسياسية التقليدية.
أما على الصعيد الوطني، فيبدو أنّ علاقة ممداني بالرئيس دونالد ترمب ستكون أحد الملفات الأكثر سخونة.
فقد وجّه ممداني رسائل مباشرة عبر وسائل الإعلام، مؤكدًا استعداده للتعاون مع ترمب في قضايا المعيشة والاقتصاد، لكنّه شدد في الوقت نفسه على رفضه القاطع لسياساته تجاه المهاجرين وقضايا الحقوق المدنية.
وأثار هذا الخطاب التصادمي ردود فعل متباينة، حيث حذّر بعض المراقبين من أنّ المُواجهة المفتوحة مع ترامب قد تنعكس على التمويل الفيدرالي المخصص للمدينة.
ورغم تلك التحديات، يرى مؤيدو ممداني أنّ صعوده السريع وقدرته على التواصل مع الطبقات الشعبية قد تمكّناه من صياغة نموذج جديد في الحكم المحلي، يجمع بين الجرأة السياسية والرؤية الاجتماعية الإصلاحية.