![]()
صوت المشرّعون الأميركيون بأغلبية ساحقة الثلاثاء على نشر وثائق التحقيق في قضية جيفري إبستين، المدان بارتكاب جرائم جنسية، عقب تغيير الرئيس دونالد ترمب موقفه في القضية بعد ضغطه طويلًا على الجمهوريين لعرقلة التصويت.
وشنّ ترمب على مدى أشهر حملة شرسة لإحباط هذا التصويت في مجلس النواب، والذي كان من الممكن أن يُسفر عن تبعات محرجة للرئيس، إلا أنه غيّر موقفه خلال عطلة نهاية الأسبوع بعدما أدرك أن جزءًا كبيرًا من حزبه كان على استعداد لتحديه.
واتفق أعضاء الغرفة العليا في الكونغرس بالإجماع، أي من دون الحاجة إلى تصويت، على إقرار مشروع القانون بمجرد إحالته من مجلس النواب، ورفعه من دون مناقشة إلى الرئيس دونالد ترمب الذي تعهد توقيعه ليصبح قانونًا نافذًا.
“منحرف مريض”
ويهدف مشروع القانون الذي أُقرّ بأغلبية 427 صوتًا مقابل صوت واحد معارض في مجلس النواب، إلى إلزام وزارة العدل بنشر كل الوثائق والسجلات التي بحوزتها والمتعلقة بالخبير المالي الأميركي، الذي توفي في السجن عام 2019 قبل محاكمته بتهمة ارتكاب جرائم جنسية.
وبعد تصويت مجلس النواب الثلاثاء، صرح ترمب عبر منصته “تروث سوشال”، قائلًا: “لا يهمني متى يقرّ مجلس الشيوخ مشروع القانون (…) أريد فقط أن يتذكر الجمهوريون كل الانتصارات التي حققناها”.
وكان الرئيس الجمهوري قد أكد الثلاثاء قبل التصويت أن “لا علاقة له بجيفري إبستين”.
وأضاف أنه طرد الخبير المالي من ناديه الفاخر بدارته في مارالاغو في فلوريدا لأنه رأى فيه “منحرفًا مريضًا”.
وكان ترمب وإبستين مقرّبين منذ أواخر الثمانينيات وحتى خلافهما مطلع القرن الحالي، قبل أن تُوجّه التهم بعد بضع سنوات إلى الخبير المالي بإدارة شبكة اتجار جنسي تشمل فتيات قاصرات.
“ليس لدينا ما نخفيه”
في مواجهة موجة الغضب والانشقاقات المتزايدة داخل حزبه قبل التصويت، تراجع دونالد ترمب عن موقفه الأحد وأعلن تأييده لمشروع القانون.
وقال: “ليس لدينا ما نخفيه”، منتقدًا مجددًا ما اعتبره “خديعة” دبرتها المعارضة الديمقراطية.
مع ذلك، لم يشرح الرئيس الأميركي سبب عدم إصداره أمرًا إلى وزيرة العدل بنشر الوثائق مباشرة من دون المرور بالتصويت في الكونغرس.
وفي مؤتمر صحفي عُقد أمام مبنى الكابيتول قبيل التصويت، تحدثت العديد من ضحايا جيفري إبستين، غالبًا بنبرة عاطفية، عما تعرّضن له، وناشدن الكونغرس إقرار مشروع القانون.
وحملت النساء صورًا فوتوغرافية لهن في صغرهن، وهو العمر الذي قلن إنهن قابلن فيه لأول مرة إبستين، وهو ممول من نيويورك كان على علاقة صداقة مع بعض أقوى الرجال في الولايات المتحدة.
وأوضحت إحداهن، لارا بلوم ماكغي، أنها تتحدث علنًا لأول مرة عن اعتداء إبستين عليها جنسيًا عندما بدأت مسيرتها المهنية في عرض الأزياء في نيويورك. وقالت: “يجب ألا تقف الدولة بجانب المتحرشين”.
وبعد ذلك، وقفن يصفقن للمشرعين من الشرفة العامة في مجلس النواب، وبعضهن يبكين ويتعانقن.
رسائل بريد إلكتروني
وبعدما وعد مؤيديه بكشف حقائق مثيرة خلال حملته الانتخابية، يبذل دونالد ترمب قصارى جهده لتهدئة الجدل منذ عودته إلى السلطة، ما أثار غضبًا حتى داخل حركة “لنجعل أميركا عظيمة مجددًا” MAGA التي يتزعمها.
وقد أُعيد إحياء القضية الأسبوع الماضي، إثر نشر رسائل بريد إلكتروني من الخبير المالي كشف عنها أعضاء ديمقراطيون في الكونغرس يزعم فيها جيفري إبستين أن دونالد ترمب “كان على علم بالفتيات” اللواتي اعتدى عليهن جنسيًا، بل إنه “أمضى ساعات” مع إحداهن.
لكن الرئيس الأميركي الذي لم يواجه أي تداعيات قانونية في هذه القضية، أكد عدم علمه بهذه المزاعم. ودعا في المقابل إلى التحقيق في العلاقة بين جيفري إبستين وبعض الديمقراطيين البارزين، بينهم بيل كلينتون.
واتهم النائب توماس ماسي، الجمهوري عن ولاية كنتاكي الذي قاد الجهود الرامية إلى فرض التصويت، وزارة العدل من على منصة مجلس النواب بـ”حماية المتحرشين بالأطفال والمتاجرين بالجنس”.
وقال قبل التصويت: “كيف سنعرف ما إذا كان مشروع القانون هذا ناجحًا؟ سنعرف عندما يكون هناك رجال، رجال أثرياء، مكبلين بالأصفاد، يُزج بهم في السجن. وحتى ذلك الحين، لا يزال هذا الأمر مجرد تستر”.