الشرع ورهان “الحياد الذكي”.. دمشق تسعى لعلاقات متوازنة مع واشنطن وموسكو

الشرع ورهان

Loading

منذ توليه رئاسة سوريا، يسعى أحمد الشرع إلى انتهاج سياسة خارجية تقوم على تحقيق توازن دقيق بين موسكو وواشنطن، في إطار ما بات يُعرف بـ”الحياد الذكي”.

وتدور تساؤلات عديدة حول قدرة دمشق الجديدة على تفادي الانحياز الكامل إلى أحد القطبين في لحظة جيوسياسية شديدة الحساسية.

“المحافظة على علاقة متوازنة بين طرفين متناقضين”

ويأتي ذلك مع علاقات عميقة الجذور مع روسيا في الشرق، وقنوات تواصل حديثة تُفتح مع الغرب بعد قطيعة امتدت لأكثر من ستين عامًا.

ومنذ دخوله القصر الجمهوري، تعامل الشرع بحذر بالغ مع معضلة تحديد موقع بلاده على خارطة التحالفات الدولية، مؤكدًا أن “سوريا تسعى إلى إقامة علاقات جديدة متوازنة مع كل من الولايات المتحدة وروسيا”.

ويرى الشرع أن الأولوية في هذه المرحلة هي تعزيز التعاون الدولي وإطلاق عملية إعادة إعمار سوريا المنهكة بالحرب والانقسام.

ولإيصال هذه الرسالة إلى الحليف التقليدي لدمشق، توجّه الشرع في زيارة رسمية إلى موسكو منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وهناك أكد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين تمسكه بالاتفاقيات القائمة، ورغبته في إعادة صياغة العلاقة بين البلدين بطريقة تحفظ استقلال سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها الأمني.

وكان اللقاء مناسبة أيضًا لاستماع الشرع إلى الرؤية الروسية، حيث قال بوتين:

“لم تكن علاقاتنا مع سوريا مرتبطة بظروف سياسية أو مصالح خاصة، بل كانت قائمة دائمًا على مصالح الشعب السوري”.

وفي السياق السوري الحالي، تتمثل “المصلحة الروسية” في الحفاظ على وجود عسكري مستدام عبر قاعدتي طرطوس وحميميم، باعتبارهما ركيزتين أساسيتين للنفوذ الروسي في المنطقة.

ولأن الحديث عن تعاظم الدور الروسي في سوريا لا يلقى دائمًا ارتياحًا في واشنطن، كان على الشرع أن يزور البيت الأبيض سريعًا، في ظل توجس أميركي معلن من خلفيته وتجربته.

ترمب بدا واثقا من نجاح الشرع

وخلال اللقاء، بدا الرئيس الأميركي دونالد ترمب مرحبًا بالرجل، قائلاً:

“لدي ثقة بأنه سيكون قادرًا على إنجاز هذه المهمة. نريد أن نرى سوريا دولة ناجحة، وأعتقد أن هذا القائد قادر على تحقيق ذلك”.

وقد تُرجمت هذه الثقة سريعًا عبر إعلان ترمب رفع العقوبات عن سوريا، والترحيب بانضمامها إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، بعد سنوات من إدراجها على قوائم الدول الراعية له.

هكذا خرج الشرع من موسكو وواشنطن بصفة “مهندس الحياد الذكي”، رجل يحاول حتى الآن الحفاظ على مسافة واحدة بين القطبين.

فهل ينجح في المستقبل في تفادي الانعطافة الجيوسياسية الكبرى التي لطالما ابتلعت دول المنطقة؟