![]()

فديناك…
وما لقلبنا إليك من سبيلًا
فداك العيون بلا مقلتين،
فداك النهر بلا نيلين،
فداك الوطن بلا حارسين،
فداك… ومن أنت؟
إيّاك وإيّاك!
يا بضعَ سنينٍ ستفنى كما سحابِ الخريف،
اللهُ من قربه الأقربُ قالها:
«وخُذوا حِذركم»…
وأنت تتوضأ بالدماء،
وتُصلّي نحو المغرب،
وتُشرقُ للظلام…
وتُظهرُ عوراتِك للطيور،
يا لَشجاعتك المثيرةِ على التفاهات،
وألوانِ الفجور!
على حاجبيك نَدْك المشاعرَ
شَعرةً شَعرة،
بلا أثرٍ أو ألم.
وعلى حاجبيك نزيفُ الزمن،
وزيفُ الحضارة…
قطرةً قطرة.
تجرّعنا النصرَ بعد الهزيمة،
وودّعنا الجنائزَ،
تحملُ المودّاتِ والجذورَ
والمساءاتِ الدفيئة.
نستعجلُ الفِراقَ خشيةَ الليلِ الظالم،
نريدُ أن نرجعَ إلى أنفسنا،
نُطمئنّها،
ونُرسل القهقهاتِ لننسى…
وأنت كما أنت،
لا تلهثُ ولا تتعب،
قائمٌ على حروفِ العذاباتِ السقيمة،
منذ أن نشأنا سئمنا عذاباتِك السقيمة.
وأنت كما أنت،
لا تتعبُ ولا تسأم،
ونحن — ها هنا — لا نقوى عليك.
ينتظرُ القادمونَ والقادماتُ دفاترَ الغدِ البعيد،
ليتهم يقرؤون ويعون…
أننا فديناه،
وأرخينا عليه كلَّ الأوصالِ والحشى والأنسجة،
وحففناهُ بالطاعاتِ الكبار.
وعلمنا — بعد أن أدبرَ العمر —
لكنَّ العمرَ يصغرُ عندما نَبْعُد،
ويستكبرُ ذليلًا.
قولوا للأوطان:
لقد قضينا العمرَ في قالَ: «جيلًا»،
وانتهينا كما بدأنا،
نفدي السراباتِ…
ولا بأيدينا قلبٌ،
ما لهُ في حبِّك سبيلًا.