موسكو والغرب.. لماذا فشل الأوروبيون بالتوافق بشأن الأصول الروسية؟

موسكو والغرب.. لماذا فشل الأوروبيون بالتوافق بشأن الأصول الروسية؟

Loading

بعد اجتماعات استمرت 15 ساعة متواصلة، وانتهت عند الثالثة فجرًا، لم يتمكّن القادة الأوروبيون المجتمعون في بروكسل من التوصّل إلى اتفاق بشأن استخدام الأصول الروسية المجمّدة، وهي ورقة لطالما هدّد الاتحاد الأوروبي باستخدامها كوسيلة ضغط إضافية لدفع موسكو إلى وقف حربها على أوكرانيا.

وبدلًا عن ذلك، لجأ الأوروبيون إلى الدفع بقرض مشترك بقيمة 90 مليار يورو لدعم كييف في مواجهة الفجوة المتوقعة في موازنتها بسبب الحرب.

بوتين يشدد: الكرة في ملعب الغرب

ووصفت موسكو الخطوة بأنها “انتصار للمنطق السليم”، فيما حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من “العواقب الشديدة” التي كانت لتؤدي إليها موافقة الاتحاد الأوروبي على استخدام الأصول المجمدة لتمويل أوكرانيا.

أما كييف، فشكرت القادة الأوروبيين عقب موافقتهم على زيادة التمويل.

وفي أوروبا نفسها، علت أصوات ناقدة لاتفاق القرض، محذرة من أنه لن يغير الحقائق على الأرض ولن يوقف التقدم الروسي في الميدان. فيما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أوروبا إلى الانخراط مجددًا في حوار مع روسيا خلال الأسابيع المقبلة.

وتأتي هذه التطورات في وقت تتزايد فيه المخاوف الأوروبية من مواجهة مع روسيا، لكن بوتين، شدد، بمناسبة خطابه التقليدي في نهاية العام، أن “الكرة هي بالكامل في ملعب الغرب، قادة النظام في كييف والجهات الأوروبية الراعية لهم في المقام الأول”، مؤكدًا أن موسكو مستعدة “للتفاوض وإنهاء النزاع بسبل سلمية”.

ورغم اتهامه الغرب بـ”الخداع” من خلال الاستمرار في توسيع صفوف حلف الناتو، تعهد بوتين بأن بلاده لن تهاجم بلدانًا أخرى “إذا عوملت بلاده باحترام وتمت مراعاة مصالحها”.

وردّ زيلينسكي ضمنيًا على ذلك خلال مؤتمر صحافي في وارسو مع نظيره البولندي، محذرًا أن موسكو ستتجه حتمًا إلى أعماق أوروبا دون استقلال كامل لأوكرانيا.

“قرض سياسي” لأوكرانيا

وفي هذا الإطار، يقول حسني عبيدي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف، إنّ هناك خلافات بين بلجيكا والاتحاد الأوروبي بشأن عواقب الإيداع والضغوط على العملة الأوروبية، ولا سيما أن التكتل لا يريد أن تتسبب الأموال الروسية المجمّدة في حدوث انقسام داخل الاتحاد.

ويضيف عبيدي، في حديث للتلفزيون العربي من جنيف، أنّ هناك فشلًا نسبيًا في ما يتعلق باستخدام الأصول الروسية، لكن ألمانيا وجدت مخرجًا يتمثل في قرض مضمون من قبل دول الاتحاد الأوروبي باستثناء ثلاث دول، على أن أوكرانيا غير ملزمة بإعادة القرض إلا بعد الحصول على التعويضات الروسية.

وإذ يوضح أن هذا يشير إلى أن أوكرانيا ستكون في نهاية المطاف معفاة من إعادة الأموال، يلفت إلى أن تخصيص الاتحاد الأوروبي مبلغًا يصل إلى 90 مليار دولار لم يحدث في تاريخ الاتحاد الأوروبي لصالح دولة ليست عضوًا فيه.

وتابع عبيدي:

“ما فعله الاتحاد الأوروبي مع أوكرانيا ليس قرضًا ماليًا بقدر ما هو قرض سياسي، كونه يحسّن مستوى التفاوض لكييف أمام الولايات المتحدة”.

ويرى عبيدي أن “هذا القرض سيموّل الجهد الحربي الكبير، ولا سيما في مجال صناعة الطائرات المسيّرة، في ظل عجز اقتصادي أوكراني”.

عقدة في المفاوضات

بدوره، يعتبر بيتر زلماييف، الخبير في الشؤون السياسية والعسكرية، أن “أوكرانيا أظهرت قدرًا كافيًا مما يطلبه البيت الأبيض لوضع حدّ للحرب”.

ويضيف زلماييف، في حديث للتلفزيون العربي من كييف: “الكرة الآن في ملعب روسيا، وأن واشنطن وكييف لديهما أساس لهذا الاتفاق بشأن إنهاء الحرب”.

وفي ما يخص الأراضي التي احتلتها روسيا خلال الحرب الأخيرة، يقول زلماييف إن “هذا الملف ما يزال يمثل عقدة في المفاوضات، ولا سيما بعد حديث بوتين عن عدم رغبته في إنهاء الحرب ما لم يتم القبول بشروطه واستسلام أوكرانيا بشكل مذعن”.

خيارات روسيا

من جانبه، يرى فلاديمير سوتنيكوف، أستاذ العلاقات الدولية في معهد موسكو الحكومي، أن بوتين سيغضب في حال استخدام الأصول الروسية، لكون ذلك مرتبطًا بالشق القانوني، إذ يعتبر استخدامها سرقةً لأموال دولة أخرى.

ويضيف سوتنيكوف، في حديث للتلفزيون العربي من موسكو:

“الأموال مُجمّدة بطريقة غير قانونية، ولذلك يرى الزعماء الأوروبيون عدم استخدام هذه الأصول والبحث عن حلول أخرى”.

ويلفت إلى أن “الاتحاد الأوروبي أخذ بعين الاعتبار قدرة روسيا، في حال استخدام أصولها المجمّدة، على اتخاذ قرار بتجميد أصول يفوق حجمها الأصول الروسية الموجودة للأوروبيين في روسيا”.

وينوّه سوتنيكوف إلى أن “الأمر في نهاية المطاف مرتبط بخطة السلام التي طرحها ترمب، ولذلك يجري حاليًا تعديل هذه الخطة ضمن المفاوضات الجارية في جنيف”.

وختم بالقول: “لكي تُقبل الخطة من قبل المفاوضين، فإن روسيا قد لا توافق عليها، ولا سيما أن الوصول إلى حلول سلمية للنزاع في أوكرانيا يتطلب توافقًا أوسع”.