![]()
شهدت الأحداث شرقي اليمن تصاعدًا بعد إعلان رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، علي الكثيري، قرب “اللحظة الحاسمة لإعلان قيام دولة الجنوب”.
وشدد الكثيري على أهمية توحيد الصف ونبذ الخلافات في مديريات وادي حضرموت، مؤكدًا رفض المجلس الانتقالي الدعوات التي وجهها تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات لسحب قواته من محافظتي حضرموت والمهرة.
تحذيرات التحالف وانتهاكات بحق المدنيين
وتأتي تصريحات الكثيري، التي فُهم منها أنه لا عودة إلى الوراء فيما يتعلق بالتوجه نحو الانفصال، على وقع تحذير تحالف “دعم الشرعية” الذي تقوده السعودية بالتعامل مباشرة مع أي تحركات عسكرية للمجلس، وذلك بناءً على طلب قدمه مجلس القيادة الرئاسي اليمني بهدف حماية أرواح المدنيين وإنجاح الجهود السعودية- الإماراتية للتهدئة، وفقًا لبيان المتحدث باسم التحالف.
ويأتي هذا التصعيد عقب تنفيذ القوات السعودية غارات جوية قبل أيام استهدفت مواقع يسيطر عليها المجلس الانتقالي في حضرموت، على خلفية الهجوم الواسع الذي شنه المجلس في الثالث من ديسمبر/ كانون الأول الجاري في محافظتي حضرموت والمهرة.
ومع ضبابية المشهد الميداني والسياسي، حذرت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات من الانتهاكات التي تُرتكب بحق المدنيين، معربة عن إدانتها لما تشهده محافظة حضرموت من تجاوزات جسيمة لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي، والتي تُخرق الدستور والقوانين الوطنية والالتزامات الدولية لليمن، بحسب الشبكة.
كما دعت الشبكة المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين وضمان احترام القانون الدولي الإنساني.
“مطالب المجلس الانتقالي ليست وليدة هذه المرحلة”
وفي هذا الإطار، يقول القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي، منصور صالح، إن مطالب المجلس ممتدة منذ ما بعد السابع من يوليو/ تموز 1994، أي بعد ما وصفه بـ”احتلال الجنوب بقوة السلاح من قبل نظام صنعاء”، حسب قوله.
ويضيف، في حديث للتلفزيون العربي من القاهرة، أن ما أسماه “الشعب الجنوبي يناضل ويكافح، سلمًا وحربًا، ويقدم قوافل طويلة من الشهداء، سعيًا للوصول إلى هذه المرحلة المهمة من تاريخ نضاله في سبيل استعادة دولته”، وفق رأيه.
ويعتبر أن مطالب المجلس الانتقالي الجنوبي “ليست وليدة هذه الأيام أو هذه المرحلة”، كما أنها ليست “وليدة ما بعد حرب صيف عام 2015 واجتياح ميليشيا الحوثي للجنوب”.
ويقول صالح إن “مطالب شعب الجنوب معروفة”، مضيفًا أنه “حين خاض مع الأشقاء في التحالف العربي عاصفة الحزم، خاضها وهو يرفع العلم الجنوبي وتحت رايته، ولولا الإيمان العميق ووضوح الهدف لدى شعبنا، بأنه يناضل من أجل تحرير واستقلال دولته”، حسب قوله.
ويؤكد القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي أن المجلس ماضٍ في تحقيق أهدافه وتطلعاته، مشددًا على أن “استعادة الدولة الجنوبية ضرورة ملحّة وهدف لا رجعة عنه”.
“الحل السياسي هو المسار الطبيعي”
من جانبه، يشير المحلل السياسي، منيف عماش الحربي، إلى أن القضية الجنوبية تُعد “قضية عادلة” ذات طابع سياسي، لم يُلغها الحوار اليمني الشامل الذي عُقد في يناير/ كانون الثاني 2014، معتبرًا أنها “تحظى بأولوية في الحوار السياسي”.
ويقول الحربي، في حديث للتلفزيون العربي من الرياض، إن “قرار البقاء ضمن الوحدة أو الذهاب نحو الانفصال شأن يمني خالص، يتم عبر الشرعية المعترف بها دوليًا”.
ويضيف أن “الشرعية التي كانت برئاسة عبد ربه منصور هادي، ثم انتقلت في عام 2022 إلى مجلس القيادة الرئاسي، تُعد الممثل للدولة اليمنية والمعترف به إقليميًا ودوليًا، وهو صاحب القرار في هذا الشأن، وصاحب القرار في الحل السياسي”.
ويوضح أنه “لا يمكن للمجلس الانتقالي، بوصفه فصيلًا واحدًا من فصائل الجنوب وقوة سياسية واحدة من قواه، أن يفرض هذا المسار”.
ويشير المحلل السياسي إلى أن مجلس القيادة الرئاسي يضم سبع قوى سياسية، مشددًا على أن الحل السياسي هو المسار الطبيعي والوحيد.
ويلفت إلى أن جماعة الحوثي حاولت فرض الأمر بالسلاح وفشلت فشلًا ذريعًا، معتبرًا أن المجلس الانتقالي يرتكب الآن خطأً كبيرًا، حسب قوله.
“انقلاب على السلطة وليس إعلان استقلال”
من جانبه، يرى أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء، عبد الباقي شمسان، أن السلطة السياسية اليمنية جرى إضعافها، إذ تتقاسمها دول الإقليم عبر استلاب حقها في ممارسة السيادة، حسب قوله.
غير أنه يوضح، في حديث للتلفزيون العربي من إسطنبول، أن ما سيأتي بعد الخطوات التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي “يحمل أبعادًا لا يمكن التنبؤ بها”.
ويشير إلى أن “اليمن دولة ذات سيادة وشخصية دولية، وهناك قرارات صادرة عن مجلس الأمن تحت الفصل السابع”.
ويؤكد شمسان أن “المجلس الانتقالي لا يمثل الشعب الجنوبي كاملًا، بل يمثل مجموعة منه”، مشددًا على أن التحرك الحالي ليس تلقائيًا، بل تقف خلفه توجيهات ودعم وإمكانات، وفي هذا التوقيت تحديدًا.
ويخلص إلى أن الحديث عن إعلان الاستقلال في الوقت الراهن حديث غير سياسي، ويزيد من تدهور الحالة اليمنية، مؤكدًا أن ما يجري هو “انقلاب على السلطة، وليس إعلان استقلال”.
