![]()
بقلم : محمد يوسف محمد
mohamedyousif1@yahoo.com
بسم الله الرحمن الرحيم
للحرب الحالية عدة وجوه وليس وجه واحد فهي حرب شنها حميدتي وشقيقه الطامعان في السلطة ضد أبناء الشمال والوسط ممثلين في قادة الجيش ليستولوا على السلطة وقد حشد لها حميدتي جزء من أبناء دارفور بدعاوي التهميش وهناك عداء قبلي قديم في دارفور بين القبائل العربية التي يمثلها الدعم السريع وقبائل الزرقة التي تمثلها الحركات المسلحة وقبائل اخري وبالرغم من محاولات حميدتي التصالح مع قبائل الزرقة ودعوته المستمرة للحزكات المسلحة للإنضمام له إلا أن جزء كبير من قواته لم يتصالح مع الزرقة ولازالت تمارس إنتهاكات فظيعة تجاه الزرقة. إذن هي ليست حرب جغرافية فالدعم السريع لايمثل كل مكونات دارفور بل على عداء تاريخي مع بعض مكونات دارفور.
وللحرب وجه آخر سياسي فهي حرب بين مجموعة أحزاب قحت من جهة و التي كانت تحاول التحالف مع حميدتي قبل الحرب لإستعادة تحالفها مع العسكر و حكومتها التي تتهم البرهان بالإنقلاب عليها وعلى الإتفاق الإيطاري. وبين الكيزان من جهة أخرى والذين يسعون جاهدين لعدم عودة أحزاب قحط للسلطة حتى لا تلاحقهم بالفصل والإقصاء والسجون ولجنة التمكين ويطرح الكيزان أنفسهم كحليف للعسكر بديل لاحزاب قحط.
وبنظرة أعمق ستجد أن حميدتي ليس له عداء شخصي مباشر مع البرهان غير أنه يرى أنه يمثل قبائل الشمال التي يعتقد حميدتى أنها ظلت تسيطر على السلطة وتسببت في تهميش قبائل دارفور.. وفي نفس الوقت تجد أن حميدتي ليس له أي عداء حقيقي مع الكيزان كمكون فكري ولا يختلف مع توجهاتهم الفكرية بل يتقارب معها بحكم انه إبن بادية وله توجهات محافظة بالإضافة الى أن الكيزان أصحاب فضل عليه وهم من صنعوه.
وبنظرة أخرى ستجد أنه لايوجد أي إختلاف فكري بين أحزاب قحت والبرهان فهو من صنع أحزاب قحط وتحالف معها ووقع معها الوثيقة الدستورية وسلمها السلطة وتركها تنكل بالكيزان.
وكذلك قحت والحركات المسلحة ليس بينهما عداء فكري فقحت لم تكن في السلطة حين حملت الحركات المسلحة السلاح ضد السلطة في عهد الإنقاذ.
ومن كل هذا نخلص إلى أن الصورة الظاهرة حالياً هي ليست الصورة الحقيقية للحرب ولكن صورة تحالفات ضرورة لحظية هشة فحميدتي والكيزان ليس بينهم عداء فكري ويمكن أن يعود الود بينهم في أي لحظة وعدد من قادة الكيزان من أبناء دارفور هم مع حميدتي الآن. كذلك مجموعة أحزاب قحت والبرهان ليس بينهم عداء فكري ويمكن أن يعود الود بينهم في أي لحظة ولازال عدد كبير من مكونات قحت التي عينها البرهان أيام سلطة قحت موجود في مواقعة في الدولة.
المواطن السوداني الذي بارك سقوط نظام الإنقاذ وتقبل تحالف قحت والعسكر كبديل للإنقاذ والكيزان وجد نفسه بعد ذلك ضحية للقتل والتشريد ونهب وتدمير ممتلكاته على أيدي قوات حميدتي وبهذا وضع حميدتي حاجزاَ نفسياً ضخماً يمنع قبول الشارع له خاصة في المناطق التي إحتلتها قواته في الوسط والشمال وبما أن أحزاب قحت كانت حليف لحميدتي قبل الحرب فقد تشوهت صورتها في عقل المواطن.
الحركات المسلحة بحكم تركيبها القبلي وسيطرة الإحساس بالتهميش والظلم على عقليتها خلق حاجز نفسي يمنعها من قبول قبائل الوسط والشمال.
من كل هذا السرد تجد أن هذه الحرب ليس لها وجه واحد فهي ليست حرب فكرية ولا حرب قبلية ولا حرب جغرافية صرفة وستجد أن التحالفات الحالية تحالفات لحظية هشة إقتضتها الضرورة وحركتها مصالح حزبية وأطماع خاصة لحظية ضيقة ولن تصمد هذه التحالفات وقد يتم إعادة تشكيل المشهد وتبديل التحالفات في أي لحظة.
هذه الحرب المعقدة والتي لها عدة وجوه لا يمكن أن تقضي على طرف ويسود بعد ذلك الإستقرار فالكل طامع في حكم المواطن وسيستمر النزاع طالما أن المواطن قبل بلعب دور الضحية وتسليم رقبته لفرد أو حزب.
وحتى لا يستمر المواطن كضحية تعاني من هذه الحرب عليه أن ينتبه ولا يسلم رقبته لطرف ويمنحه شيكاً على بياض لحكمه فإن هذا سيؤجح الحرب ويزيد معاناة المواطن ولن تتوقف الحرب وسيتقاتل الجميع من أجل الحصول على هذا الشيك الموقع علي بياض ويداس المواطن ويطحن.
عندما حمل أبناؤنا المتطوعين السلاح لم يحملوه دفاعاَ عن حزب سياسي أو ضد حزب أو دفاعاً عن شخص أو ضد شخص ولكن حملوا السلاح لمساندة إخوانهم وآباءهم في القوات المسلحة لحماية أسرهم التي تعرضت للقتل ولحماية منازلهم ومتلكاتهم التي تعرضت للنهب.
وحتى تتوقف الحرب ويعم السلام على المواطن أن يتحلى بالوعي والحذر ويتمسك بحقوقه كاملة ولايتنازل عنها ولا يقبل أن يكون هو وممتلكاته غنيمة يتقاتل الطامعون في السلطة من أجل الحصول عليها فالساسة والحكام هم خدم وموظفين لدي الشعب يعملون تحت رقابة ممثليه في البرلمان وينفذون له ما يريد من خطط ومشروعات يجيزها الشعب في البرلمان الذي ينتخبه الشعب. الساسة ليسوا أسياداً للشعب والشعب ليس عبيداً للساسة، والسلطة هي حكر مطلق للشعب يمنحها منحاً مؤقتاً ومشروطاً وتحت الرقابة عبر صناديق الإنتخابات لمن يخدم الوطن والمواطنين كافة وليس لمن يخدم اطماع قبيلته أو منطقته أو عائلته أو حزبه أو أطماعه الشخصية.
The post لهذه الحرب عدة وجوه وليس وجه واحد وتحالفاتها هشة يمكن أن تتبدل في أي لحظة appeared first on سودانايل.