متى سيتحقق هذا الكابوس؟

متى سيتحقق هذا الكابوس؟

Loading

محمد يوسف محمد
mohamedyousif1@yahoo.com

بسم الله الرحمن الرحيم

الذي يزعجني أكثر من الحمى هو الكوابيس والأحلام الغير منطقية و(الهضربة) التي تصاحبها، وتحت تاثير إصابتي بالحمى هاجمني النوم العميق فور تمددي في الفراش رغم الحرارة المرتفعة وإنقطاع الكهرباء والبعوض والذباب وبعد لحظة إستيقظت على صوت مرتفع من جهاز التلفزيون وكانت الكهرباء قد عادت وموسيقى عسكرية وبيان عسكري في تلفزيون السودان يعلن عن توقيع إتفاق بين الطرفين لوقف الحرب فوراً والتوجه لإجراء إنتخابات عاجلة يحتكم فيها الجميع لرأي الشعب!!
اعقبه بيان من تجمع أحزاب الكيزان يعتذر عن مابدر من أخطاء في الثلاثين عاماً الماضية وكبت الحريات وتسيس الخدمة المدنية ويتعهد بعدم عودتهم للسلطة إلا عبر صناديق الإنتخابات أعقبه بيان من أحزاب قحت تهنئي أحزاب الكيزان بصحوة الضمير وتحذو حذوهم وتعتذر عن مابدر من أخطاء في الفترة الإنتقالية وممارسات لجنة التمكين ويتعهدون بعدم عقد أي تحالفات مع العسكر مستقبلاً وعدم عودتهم للسلطة إلا عبر صناديق الإنتخابات.
تلا ذلك بيان من تجمع الحركات المسلحة جميعها يعلن ترك السلاح وتسريح قواتها والتحول لاحزاب مدنية إستعداداً لخوض الإنتخابات.

تعجبت كثيراً من عودة الكهرباء ومن البيانات وتعجبت أكثر من إختفاء البعوض والذباب ربما هو أيضا قد قرر وضع السلاح وتوجهت نحو الحمام فوجدت أن المياه متوفرة بضغط قوي وأثناء ذلك أذاع التلفزيون بيان آخر وهذه المرة من شركة الكهرباء يعتذر عن الغتاتة وتعذيب المواطن الذي مارسوه في السابق وقرار بإيقاف برمجة القطوعات فوراً والإستجابة الفورية لاي بلاغ.

وتوالت البيانات وصدر بيان من اللجنة العليا لتهيئة البيئة لعودة مواطني الخرطوم تعتذر فيه اللجنة عن التهميش الذي مارسته السلطات العليا تجاه بقية الولايات وتقرر أن يعدل إسم اللجنة وإختصاصاتها ليكون إسمها (اللحنة العليا لتهيئة البيئة لعودة المواطنين في كل الولايات) وليس ولاية الخرطوم وحدها وتعد اللجنة كل السودانيين بانها ستمنع حمل السلاح في كل مدن السودان وستقف ميدانياً على عودة الأمن والخدمات والكهرباء والمياه والصحة والتعليم لكل مدن السودان وليس الخرطوم وحدها اعقبه بيان من وزارة الدفاع يحظر قيام أي جيهة بإعتقال اي مواطن أو إستجوابه إلا بواسطة الشرطة فقط عبر أمر إستدعاء صادر من وكيل النيابة بتهمة محددة ثم بيان وزاري آخر وهذه المرة من وزارة الداخلية بإلزام الشرطة بالمهنية وإحترام المواطن وتطبيق قاعدة المتهم بريئ حتى تثبت إدانته وتحسين بيئة الحراسات والسجون والتعامل مع المتهمين في كل أقسام الشرطة بشكل كريم يحفظ إنسانيتهم وترحيل كل الأجانب المتواجدين بدون اقامات رسمية الى دولهم.

وانا في الحمام أستمتع بالدش الذي كان متوقفاً لعشرات السنين بسبب ضعف وإنعدام المياه وأواصل الإستماع للبيانات صدر بيان من أصحاب البقالات بتوجيه منسوبي الإتحاد بوضع قوائم و ديباجات للأسعار في كل السلع وتوحيد الأسعار والإلتزام بهامش ربح معقول.
ثم بيان من إتحاد أصحاب المخابز والمطاعم يلزم عضويته بالضوابط الصحية ومنع العاملين من (العطس والكحة) فوق الخبز والأطعمة وتغطيتها من الذباب والحشرات والاتربية وإرتداء قفازات صحية عند الإمساك بالخبز وعند إعداد السندوتشات والإلتزام بالنظافة في كل اشكال الطعام وليس المسح اليومي للأرضيات بالصابون فقط.

بيان آخر عجيب من إتحاد المرأة يلزم منسوبيه بالإستقالات الجماعية من الخدمة المدنية حتى تتفرغ النساء لرعاية أسرهم واطفالهم وحصر العمل على النساء الغير متزوجات فقط في وظائف التعليم والصحة.

واستمر صدور البيانات.. بيان من وزير العمل بالإلتزام بالتدرج والتسلسل الوظيفي في الخدمة المدنية وإسناد المهام حسب الدرجات وإيقاف سياسة (ده زولنا وده ما زولنا) وإلزام كل الوزارات بتوفير الخدمات المختلفة للمواطنين عن بعد عبر وسائل الإتصال دون حاجة المواطن للوصول للمكاتب الحكومية وتشكيل لجنة تحقيق فوراً لأي مدير وحدة حكومية يتواجد ازدحام في مكاتب إدارته يزيد عن ثلاثة مواطنين أو تأخر إجراء أي معاملة لمواطن لأكثر من سبعة دقائق.. ومحاكمة (ناس تعال بكرة وفلان في الفطور والمدير طلع إجتماع) بالفصل الفوري من العمل.

بيان من وزارة المالية بتعديل المرتبات ليصبح الحد الأدنى من المرتبات يفي بضروريات العاملين من ترحيل وعلاج وطعام ومنصرفات يومية على أن يزيد المرتب تلقائياً بحسب نسبة زيادة الإسعار والدولار.

بيان من وزير الصحة بإلزام الاطباء بكل درجاتهم العاملين بالمستشفيات (مسترات وعموميين… الخ) بالإلتزام بالتواجد في المستشفىات حسب ورديات العمل ومقابلة المرضى الجدد ومتابعة الحالات المنومة بالمستشفي متابعة دقيقة طوال 24 ساعة والتأكد من تناول المرضى العلاج في موعده لا ومنع اي طبيب يعمل بوزارة الصحة من العمل في عيادة خاصة وتجريم التبرز والتبول والبصق والتمخط في الطرقات وكل من يخالف ذلك يعاقب بالعمل 5 ساعات يومياً لمدة أسبوع في نظافة الطرقات العامة وغسل الحمامات العامة.

بيان من المحليات بحظر ظاهرة ستات الشاي وحظر بيع الشاي في الشوارع والرواكيب وتخصيص إعانات شهرية بالتنسيق مع ديوان الزكاة تصرف لكل ست شاي سودانية كانت تمارس بيع الشاي.

بيان من وزير التربية والتعليم بوضع مناهج جديدة أساسها الاخلاق الحميدة وإحترام الكبار والمجتمع لإنشاء (جيل الأخلاق الحميدة) بدلاً عن (الجيل الراكب راس ومن أول طلقة ركب الباص) مع التركيز علي إدخال التقنيات الحديثة في المناهج والتي تخرج جيل منضبط أخلاقياً ومبدعاً في مجال التكنلوجيا.

بيان من وزير الثقافة والإعلام بإلزام الإذاعة والتلفزيون ووسائل الإعلام كافة ببث برامج توعية للمواطن بالسلوك الحضاري وتثقيف المواطنين بالقوانين وحب العمل والوطن.

خرجت من الحمام وأنا متعجب من هذه الصحوة الفجائية وفتحت الهاتف فوجدت رسالة إعتذار من شركات الإتصالات وهدية 30 قيقا بايت شهرياً لمدة ثلاثة أشهر كتعويض عن الإستهبال الذي مارسته شركات الإتصالات في السابق عندما تنشط خدمة ولا تستفيد منها بسبب رداءة الشبكة، ففرحت بهذه الهدية وفتحت الواتساب وقررت إرسال تحايا وتهنئة بهذه الصحوة لكل الأشخاص في قائمة الإتصالات.. وتعجبت كثيرا عندما قام الجميع برد التحية والتهنئة بأحسن منها كما أمر الله سبحانه وتعالى ولم يمارس أحد منهم اللؤم و الغتاتة وقراءة الرسالة وعدم الرد مثل ما يفعل السودانيون.

وبسبب الردود المتوالية والإهتزاز الشديد سقط الهاتف على رجلي وسبب لي ألم شديد وإستيقظت فجأة من النوم لأجد أني كنت في كابوس بسبب الحمى وسبب الألم الحقيقي هو البعوض والذباب الذي نظم حفل راقص فوق رجلي التي انحسر عنها الغطاء ووجدت نفسي اسبح في بركة من العرق بسبب سخانة الجو وإنقطاع الكهرباء.

فكرت لحظات أقارن بين الكابوس وما نعيشة فهل الكابوس هو ما شاهدته في الحلم أم هو الفوضى التي نعيشها في الواقع ونصنعها بايدينا ونتلذذ بتعذيب أنفسنا والآخرين ثم نتحجج بالإمكانيات والمؤامرات الخارجية؟

The post متى سيتحقق هذا الكابوس؟ appeared first on سودانايل.