تعيين مدراء ووزراء من خارج التدرج الوظيفي فساد وتدمير للوطن

تعيين مدراء ووزراء من خارج التدرج الوظيفي فساد وتدمير للوطن

Loading

mohamedyousif1@yahoo.com

بقلم: محمد يوسف محمد

بسم الله الرحمن الرحيم

الإستقالة التي تقدم بها وزير دولة بإحدي الوزارات بعد أن ظل يمارس عمله بعد خفض درجته لوزير دولة دون سبب واضح بالرغم من خبرته الطويلة في الوزارة هذه الواقعة تكشف حجم الفوضى والفساد والخلل في النظام الإداري في السودان وهو السبب الأساسي الذي ظل يدمر هذا الوطن الغني بالثروات ويقعده عن اللحاق بركب التطور والنما كدولة تتوفر فيها كل مقومات الدول العظمى حتي الكوادر البشرية صاحبة الخبرات.
الخدمة المدنية في السودان من أقدم الثروات التي تركها المستعمر وهي ميزت السودان عن غيره وكان السودان يرفد الدول المجاورة بالخبرات في كل المجالات لتؤسس وتقود العمل في الدول الأخرى وتستفيد الدول الأخرى من هذه الخبرات السودانية المتراكمة، لكن مع الأسف قامت أيدى خبيثة قذرة بتدمير الخدمة المدنية في السودان وتشريد الكوادر التي تمتلك الخبرات والتي إرتضت العمل في ظل مرتبات ضعيفة لاتفي بابسط الضروريات وبدلاً من شكر هؤلاء والمحافظة عليهم مع الأسف يتم إبعاد هذه الخبرات من مواقع المسؤلية وممارسة أقسى أنواع الظلم عليها فهناك خلل واضح يمارس في كل الوزارات ومرافق الدولة تمارسه الحكومات المتعاقبة بترجيح المصالح والميول الخاصة على اللوائح وتسند المهام بنظام (ده زولي وده ما زولي) وعدم إلتزام الدولة بالتدرج الوظيفي الذي هو معيار الإستحقاق الأخلاقي في الترقي وتولي المناصب وتجاوزه فيه تدمير للوزارات وهياكل الخدمة المدنية وظلم عظيم وممارسة لا أخلاقية واضحة تجاه الشخص المستحق للموقع بحسب التدرج، وفيه شبهة فساد واضحة تمارسها السلطة التي تعين المسؤلين فما هو الشيء الذي يحققه شخص قادم من خارج الوزارة ولا يحققه شخص صاحب خبرة طويلة في الوزارة؟ الإجابة بلا شك هو المصالح الخاصة لمن هو أعلى!! فإذا كانت الجهة التي تعين المسؤلين لاتلزم بالمهنية والتدرج الوظيفي وتتجاوز معايير العدالة عند تعيين مسؤل فلماذا يلام صغار الموظفين على تجاوزاتهم؟ إذا كان الكبار يفعلون ذلك دون تردد او حياء؟

الخدمة المدنية عمل شبه روتيني يقوم على قواعد عمل غير مكتوبة يكتسب الإنسان المعرفة بهذه القواعد من خلال العمل اليومي وليس الدراسة الاكاديمية فقط وكل ما طالت فترة خدمة الشخص زادت خبرته العملية بالمجال وحتى بالمعايير الأخلاقية والأمانة ومن باب عدم الظلم فإن الشخص الأقدم أحق من غيره بالمنصب فليس من العدل ولا العقل ان ناتي بشخص من خارج المؤسسة (سواء كان يعمل في منظمة أو شركة خاصة) ويتم تعيينه مديراً أو وزيراً فوق من أفنوا زهرة شبابهم في هذا العمل وخدمة الدولة بمقابل مادي ضعيف فهذا سلوك غير أخلاقي وفساد مبطن وتدمير للعمل وإهدار للخبرات الوطنية المكتسبة.

قد نجد عذراً لهذا التجاوز في تعيين الوزراء من خارج الوزارات في حالة قيام إنتخابات وفوز حزب ويكون التجاوز بتعيين وزيراً من الحزب الفائز حتي ينفذ برنامج الحزب الذي إختاره الشعب ويشرف على تنفيذه.. ويكون هذا التجاوز مقبولاً فهو بأمر الشعب صاحب السلطة ولتنفيذ برنامج معلن و معلوم للجميع.. لكن في الظروف العادية والحكومات الإنتقالية فإن الأصل هو أن ينال أي موظف سوداني حقه في تولي الوظائف بحسب التدرج الوظيفي وفي حالة تغير السياسات أو الحكومات يتم إطلاعه على خطة العمل الجديدة المطلوبة ويخضع عمله للتقييم ثم بعد ذلك إن أخفق في القيام بمهامه يحاسب ويواجه بإخفاقه ثم يتم عزله إذا ثبت إخفاقه ويتم بعد ذلك إسناد المنصب لمن هو بعده في التدرج الوظيفي ولكن لا يتم إحضار شخص من خارج الهيكل الوظيفي أو ترفيع أحد من داخل الهيكل فوق رقاب من هم أقدم وأعلى منه درجة مهما كانت الأسباب فهذا نفسه فساد وظلم واضح ومحسوبيه وقد لعن الله الظالمين في كتابه الكريم في عدة مواقع (ألا لعنة الله علي الظالمين) ولن يبارك الله لظالم في عمله وهذا الظلم حتماً سيعود على الظالم ويشرب من نفس الكأس.
أي تجاوز في التدرج الوظيفي هو نوع من الفساد، وأي إخفاق او فساد يقوم به الشخص الذي يتم إحضاره من خارج المؤسسة وتعيينه مسؤلاً تقع مسؤلية إخفاقه أو فساده علي من قام بتعيينه وهو شريك له في الإخفاق وفي الفساد ويجب أن يحاسب مثل الفاسد بل بعقوبة مضاعفة في حالة الإخفاق والفساد وعزله.
وأكثر الممارسات التي أضعفت نظام الإنقاذ وعجلت بذهابه وجلبت له غضب كثير من الناس هو الممارسات التي تمت في الخدمة المدنية ومايسمى بالتمكين ومع الأسف لم يستفيد من أتو بعد الإنقاذ من تجربة الإنقاذ بل مارسوا الظلم والإقصاء في الخدمة المدنية بشكل أفظع واقبح عبر لجان الفصل والتشريد وهذا ما عجل بذهابهم ايضاً.
بلا شك أن أي إنسان في داخله يعلم أن هذه التجاوزات خطأ وظلم لا يرضاه الله ولكن بريق السلطة والمال يذهب العقل والله يُمْهِل ولا يُهْمِل وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ.

The post تعيين مدراء ووزراء من خارج التدرج الوظيفي فساد وتدمير للوطن appeared first on سودانايل.