صراع أميركي-روسي داخل مجلس الأمن.. أي رؤية تُحدّد مستقبل غزة؟

صراع أميركي-روسي داخل مجلس الأمن.. أي رؤية تُحدّد مستقبل غزة؟

Loading

بعد طرح المسودة الأميركية حول رؤية إدارة ترمب لمستقبل قطاع غزة، طرحت روسيا بدعم صيني، مشروع قرار في مجلس الأمن تدعو فيه إلى الالتزام بحل الدولتين، وترفض القيادة الأميركية المتفردة لمجلس السلم في غزة.

وترى موسكو أنّ أي ترتيبات تخصّ غزة يجب أن تبقى حصرًا تحت مظلّة الأمم المتحدة، رافضًة إنشاء أي كيان مواز لها. ويؤكد الكرملين ضرورة أن تكون قوة الانتشار في غزة أممية بالكامل، محدودة التفويض، خاضعة للقانون الدولي ولإشراف مجلس الأمن، وألا تتحول إلى أداة لإعادة تشكيل البيئة الأمنية، بما يخدم المصالح الأميركية أو الإسرائيلية.

في المقابل، صدرت عن واشنطن تحذيرات من “عواقب خطيرة”، واتهامات لروسيا والصين بمحاولة “زرع الخلاف”، وفق تصريحات الناطق باسم البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة.

وتتمسّك الولايات المتحدة برؤيتها التي تمنحها القيادة المباشرة للمرحلة الانتقالية عبر “مجلس السلام” الذي يُنشأ خارج المنظومة الدولية برئاسة دونالد ترمب، بما يتيح لواشنطن رسم البنية السياسية والأمنية الجديدة في غزة.

وتقترح الخطة الأميركية أيضًا تشكيل لجنة تكنوقراطية فلسطينية غير مسيّسة، تُشرف عليها هيئة دولية جديدة لإدارة الخدمات وإعادة الإعمار، وفق رؤية سياسية واقتصادية غربية.

وبين المشروعين الأميركي والروسي، تنقل وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر “مطلعة” قولها إنّ موسكو تسعى إلى خلق مسار بديل لعرقلة خطوات واشنطن.

وتُقرّ المصادر بوجود غموض في الرؤية الأميركية التي تتضمن بنودًا “غير مريحة” لإسرائيل، من بينها تقييد قدرتها على الاعتراض على هوية القوات التي ستنشر في غزة، إضافة إلى إشارات صريحة نحو إمكان قيام دولة فلسطينية في نهاية المسار، وهو ما ترفضه تل أبيب بشكل كامل.

صراع نفوذ بين موسكو وواشنطن

ووصف أستاذ إدارة النزاع بمعهد الدوحة للدراسات العليا الدكتور إبراهيم الخطيب الوضع الحالي في مجلس الأمن حول غزة بأنّه صراع نفوذ بين موسكو وواشنطن، مشيرًا إلى أنّ القطاع يعاني منذ عامين دون أي دور فعال لإخراجه من الحرب.

وقال الخطيب في حديث للتلفزيون العربي في لوسيل، إنّ السؤال الجوهري يكمن في مضمون القرار وما يحويه من بنود، خصوصًا فيما يتعلق بإقامة دولة فلسطينية، ووضع قطاع غزة، ومجمل القضية الفلسطينية”.

وأوضح أنّ واشنطن تسعى لاحتكار القرار، مشيرًا إلى أنّ السلطة في قطاع غزة ستكون تحت إدارة مجلس السلام الذي تقوده واشنطن، مما يجعلها تتحكم بالملف بشكل كامل.

ورأى أنّ موسكو في المقابل، تحاول طرح خيارات بديلة لما يحدث في غزة، مؤكدًا أنّه من غير المرجح أن تعارض روسيا القرار إذا حصل على إجماع، خاصة من الدول العربية، وربما تكتفي في أسوأ الأحوال بالامتناع عن التصويت.

وفيما يتعلق بالخطة الأميركية وتعاملها مع قطاع غزة، اعتبر أنّها مليئة بالفخاخ.

“روسيا ترفض الاحتكار الأميركي”

من جانبه قال الباحث والكاتب السياسي أندريا أنتيكوف، إنّ روسيا ترفض احتكار واشنطن لمسار السلام في الشرق الأوسط، مع إشارته إلى أن الولايات المتحدة ساهمت بشكل كبير في إيجاد حلول للحرب الأخيرة في غزة.

وأضاف أنتيكوف في حديث إلى التلفزيون العربي من موسكو، أنّ “المشكلة تكمن في مشروع القرار الأميركي، إذ ترى روسيا أن واشنطن في نهاية المطاف تسعى لحماية مصالح إسرائيل فقط، خاصة فيما يتعلق بالدولة الفلسطينية”.

وأوضح أنّ روسيا تسعى لتنفيذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن إنشاء دولتين، فلسطينية وإسرائيلية، معتبرًا أن “العالم بحاجة إلى دولة فلسطينية حقيقية بجانب دولة إسرائيلية، لا مجرد حلول جزئية”.  

ودعا إلى ضرورة الانتباه إلى نقطتين، “الأولى أن ما تطرحه الولايات المتحدة حول الدولة الفلسطينية قد يؤدي إلى إنشاء دويلة وليست دولة حقيقية. والثانية، أن الهدف الأساسي من التصويت على مشروع القرار الأميركي هو تفويض واشنطن للتعامل مع القضية بشكل أحادي، بعيدًا عن مشاركة المجتمع الدولي”.

مخاوف من إقصاء الأمم المتحدة

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية وليام لورنس، إن “روسيا ليست الجهة الأفضل للدفاع عن السلام، وقد رأينا كيف تمكنت من التحكم في المسائل الدولية سابقًا. الولايات المتحدة أيضًا لا تفعل ذلك بالكامل”.

وأضاف لورنس في حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن: “لا أتفق مع روسيا أو الولايات المتحدة في الحل السياسي المقترح، إذ أننا بحاجة إلى مشاركة فلسطينية أكبر وأعمق، وما رأيناه حتى الآن مخزٍ”.

وحول مسودة المشروع الأميركي، أشار لورنس إلى أنّها قد تؤدي إلى عواقب وخيمة على الفلسطينيين، واصفًا ذلك بأنّه “مؤسف للغاية ومأساوي”.

وأردف: “الولايات المتحدة تهدد بالتوجه بشكل منفرد مع الراغبين فقط”، مضيفًا أنّ استبعاد الأمم المتحدة من أي تصوّر للسلام “سيُضعف القرار”.

وأشار إلى أنّ “الدول العربية ودول الخليج سيكون لها تأثير مهم، وأنّ ترمب يستمع لهذه الدول ويمكنها ممارسة ضغوط على واشنطن”.