![]()
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرًا موسعًا بعنوان “الفرع 300 في إدارة المخابرات العامة: أداة مركزية للقمع والمراقبة والملاحقة في منظومة بشار الأسد السابقة”، تضمّن قراءة تحليلية مفصّلة لدور فرع مكافحة التجسّس، بوصفه أحد أكثر الفروع الأمنية غموضًا وتأثيرًا في بنية النظام الأمني السوري خلال السنوات التي تلت عام 2011.
وأوضح التقرير أنّ الدراسة استندت إلى وثائق ومراسلات أمنية داخلية، إلى جانب شهادات ناجين وذوي ضحايا وموظفين سابقين، جرى تحليلها وفق المعايير الدولية المعتمدة في التوثيق، وبالاستناد إلى قواعد القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.
منظومة القمع الأمنية في سوريا
وتناول التقرير الخلفية العامة للأجهزة الأمنية السورية، مشيرًا إلى أنّها تتألف من أربعة أجهزة استخبارات رئيسة، هي: المخابرات العامة، والمخابرات العسكرية، والمخابرات الجوية، والأمن السياسي، وتنتشر فروعها في مختلف المحافظات، وترتبط مُباشرة بمكتب الأمن الوطني ورئاسة الجمهورية، ما منحها صلاحيات واسعة فاقت الدور التقليدي للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرًا بعنوان: الفرع 300 في إدارة المخابرات العامة أداة مركزية للقمع والمراقبة والملاحقة ضمن منظومة بشار الأسد السابقة.
للاطلاع على التقرير كاملاً: https://t.co/nM47ifQ6Dp#الشبكة_السورية #سوريا pic.twitter.com/YMDmc02b2w— الشبكة السورية (@SN4HR) December 15, 2025
ووثّق التقرير أنّ هذه الأجهزة ارتكبت منذ مارس / أذار 2011 انتهاكات واسعة وممنهجة، شملت الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب والقتل خارج نطاق القانون.
ووفقًا لبيانات الشبكة، لا يزال أكثر من 160 ألف شخص، بينهم آلاف الأطفال والنساء، في عداد المختفين قسريًا، فيما قُتل أكثر من 45 ألف شخص تحت التعذيب داخل مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السابق.
فظاعات الفرع 300
وفيما يتعلّق بفرع مكافحة التجسس (الفرع 300)، أوضح التقرير أنّه يتبع مُباشرة لإدارة المخابرات العامة التي أُنشئت بموجب المرسوم التشريعي رقم 14 لعام 1969، ويُدار عادة من ضباط برتب عسكرية عليا، رغم تصنيفه رسميًا كجهاز مدني.
ويقع مقرّه الرئيس في حي كفرسوسة بدمشق، ويضمّ زنازين احتجاز وغرف تحقيق في طوابقه السفلية، إضافة إلى مكاتب للضباط وأقسام للأرشفة والمراقبة التقنية في الطوابق العلوية.
وأشار التقرير إلى أنّ الدور الفعلي للفرع 300 تجاوز مهامه المعلنة، إذ اضطلع بمراقبة الأجانب والمغتربين، ومتابعة نشاط المنظمات الدولية والإعلامية، ومُلاحقة المُعارضين السوريين المُرتبطين بالخارج، مستخدمًا اتهامات “التخابر” و”التمويل الخارجي” كذرائع للاعتقال والتعذيب.
كما لعب الفرع دورًا تنسيقيًا محوريًا مع فروع أمنية أخرى، وأسهم في إصدار قرارات منع سفر ومصادرة أموال.
وبحسب توثيق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تسبّب “الفرع 300” بما لا يقلّ عن 17,438 حالة اعتقال تعسفي، إضافة إلى توثيق 2,463 حالة تعذيب، شملت مواطنين سوريين وأشخاصًا من جنسيات أجنبية، ورافق ذلك انتهاكات أخرى تمثّلت في الحرمان من الرعاية الصحية، وغياب المحاكمات العادلة، والابتزاز المالي، والمراقبة غير القانونية للاتصالات.
توصيات قانونية
وعلى الصعيد القانوني، حمّل التقرير قيادات الفرع وإدارة المخابرات العامة المسؤولية المباشرة عن هذه الانتهاكات، مشيرًا إلى أنّ الطابع الممنهج لها يرقى إلى جرائم جسيمة لا تسقط بالتقادم، ولا يُمكن تبريرها بالأوامر العليا.
كما شدّد على أنّ أي اعترافات انتُزعت تحت التعذيب تُعد باطلة قانونًا ولا يجوز الاستناد إليها قضائيًا.
وختم التقرير بجملة من التوصيات، دعا فيها السلطات السورية إلى فتح مسارات مساءلة قضائية حقيقية، وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وإخضاعها للرقابة البرلمانية والقضائية، وحماية الضحايا والشهود، وتعزيز العدالة الانتقالية.
كما طالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة بدعم جهود التوثيق والمحاسبة، وتوسيع برامج البحث عن المفقودين، ومنع الإفلات من العقاب، باعتبار ذلك شرطًا أساسيًا لتحقيق العدالة وإنصاف الضحايا
