![]()
تكتنف الضبابية مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مع استمرار الخروقات الإسرائيلية والتوترات الميدانية، وتباين المواقف السياسية بين الأطراف المعنية.
وفي خضم ذلك، يُواصل الوسطاء محاولات حثيثة للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، عبر تجاوز العقبات القائمة ووضع آليات أكثر وضوحًا، من شأنها وضع الهدنة على مسار أكثر استقرارًا.
وفيما يتعلّق بجهود الوساطة، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، خلال تصريحات في منتدى الدوحة، إنّ الوسطاء يعملون من أجل فرض المرحلة التالية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لافتًا إلى أنّ المفاوضات تمرّ بمرحلة حرجة.
أما وزير الخارجية التركي هاكان فيدان فأوضح أمام منتدى الدوحة، أنّ المفاوضات بشأن قوة إرساء الاستقرار في غزة ما زالت جارية، بما في ذلك بحث تفويضها وقواعد الاشتباك، مؤكدًا استعداد بلاده لأداء دورها في إرساء السلام.
من جهته، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أنّ معبر رفح لن يكون بوابة للتهجير؛ بل لإمداد غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية فقط، حيث شدّد على الحاجة الملحة لنشر قوة الاستقرار الدولية في القطاع.
بدورها، شدّدت مسؤولة السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس في حديث إلى التلفزيون العربي، على أنّ جرائم الحرب في غزة يجب ألا تمرّ من دون مساءلة، مشيرة إلى دور أوروبي منتظر بتدريب الشرطة الفلسطينية التي ستنشط في قطاع غزة مستقبلًا.
وتأتي هذه التطورات في انتظار تحرك أميركي بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنّ المرحلة الثانية من اتفاق غزة ستبدأ قريبًا، بالتزامن مع لقاء بين ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيعقد في البيت الأبيض في 26 من الشهر الجاري.
خروقات واعتداءات
في الأثناء، تستمر الآلة العسكرية الإسرائيلية منذ بدء تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، في حصد أرواح الفلسطينيين عبر تنفيذ غارات مستمرة بحق المدنيين، أسفرت عن استشهاد نحو 370 فلسطينيًا.
تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة يشعل الضغط على إسرائيل في ظل تصعيد وخروقات لا تتوقف pic.twitter.com/jMFIlnXd1B
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) December 6, 2025
ولم تقتصر الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار على تنفيذ الهجمات فقط، بل أخذت أشكالًا أخرى، أبرزها تقييد إدخال المساعدات الإنسانية كمًا ونوعًا، وتوسيع ما تُعرف بمنطقة الخط الأصفر، وتنفيذ توغّلات داخل المناطق السكنية والزراعية، فضلًا عن نسف المنازل والمنشآت المختلفة.
وتشكل هذه الخروقات جزءًا من تحديات حقيقية أمام الانتقال للمرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، في مقدمتها: اختلاف التصورات بين حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وإسرائيل بشأن سلاح المقاومة، وعمل قوة الاستقرار الدولية، فضلًا عن الأفكار ذات الصلة بحكم غزة خلال المرحلة المقبلة.
قضايا خلافية جوهرية
وفي هذا السياق، أوضح الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي في حديث إلى التلفزيون العربي من لوسيل، أنّ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة تمرّ بمرحلة حرجة نظرًا للاختلاف حول قضايا جوهرية في الاتفاق.
ورأى البرغوثي أنّ المعضلة الأولى تتمثّل في عدم التزام جيش الاحتلال ببنود المرحلة الأولى من الاتفاق، إذ لم تفتح معبر رفح لا وبل تُهدّد بفتحه من جهة واحدة، ناهيك عن عدم انسحابها من المناطق التي تحتلّها في غزة، مع استمرار عمليات القصف.
وأشار إلى وجود خلافات حول ثلاث قضايا جوهرية في المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار:
- أولًا- قوة الاستقرار الدولية التي تُجمع الدول على أن تكون قوة حفظ سلام لا قوة قتالية؛
- ثانيًا- الجهة المشرفة على قطاع غزة، إذ أنّ فكرة الوصاية الأجنبية على قطاع غزة مرفوضة بشكل تام، حيث اتفق الجانب الفلسطيني مع الوسطاء المصريين على أن تكون إدارة فلسطينية؛ فلا نحتاج إلى توني بلير أو غيره لإدارة غزة، ومن المعيب أن نستبدل احتلال باحتلال أجنبي آخر أو باحتلالين معًا؛
- ثالثًا- فتح معبر رفح، حيث تُجمع الدول العربية والإسلامية على أنّه لا يجوز المسّ بحقّ الفلسطينيين في العودة إلى غزة، بينما تهديد إسرائيل بفتح المعبر من جهة واحدة مؤشر على أنّ نيّة إسرائيل بالتطهير العرقي لسكان قطاع غزة لم تتغيّر؛
واعتبر البرغوثي أنّ الإصرار العربي على نشر قوة الاستقرار الدولية بسرعة رغم الغموض الذي يكتنف مهامها، ينبثق من هدف مركزي يتمثّل في إخراج الاحتلال من قطاع غزة.
ورأى أنّ الإسراع في الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، يجب أن يُساهم في إخراج قوات الاحتلال من قطاع غزة وكسر الحصار على غزة وإدخال المساعدات.
