الخرطوم : رقية يونس

تعالت وتيرة الأحداث في قضية مقتل الشهيد العميد علي بريمة ، عندما أمرت المحكمة أمس تحريك بلاغ في مواجهة مدير سجن كوبر القومي اللواء شرطة الطيب أحمد عمر، بمخالفة نص المادة (90) من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م ، لعدم تنفيذه أوامرها بنقل المتهم محمد آدم توباك من زنزانة الغربيات إلى الزنزانة الشرقية مع بقية المتهمين معه.

ويواجه المتهم الأول محمد آدم أرباب توباك وأحمد الفاتح الننة ومحمد الفاتح ترهاقا وطبيبة ثلاثينية الإتهام في قضية مقتل العميد شرطة علي بريمة الذي لقى حتفه إثر إصابته بآلة حادة خلال تظاهرات إندلعت جوار معمل أستاك الخرطوم مطلع العام الحالي .

وأمرت المحكمة الخاصة والمنعقدة بمعهد تدريب العلوم القضائية بأركويت برئاسة القاضي زهير بابكر عبد الرازق، بنقل المتهم الأول توباك من سجن كوبر  إلى سجن آخر إلا أنها لم تفصح عنه، فيما بررت المحكمة تدوين بلاغ في مواجهة مدير سجن كوبر لعدم تنفيذ أوامرها السابقة بنقل توباك إلى الزنزانة الشرقية مع بقية المتهمين معه في الدعوى لأنهم يواجهون إتهاماً واحداً على ذمة الدعوى الجنائية، فضلاً عن أن مدير السجن لم ينفذ أوامر المحكمة أيضاً بعدم وضع القيود الحديدية على أقدام المتهمين عند حضورهم للمحاكمة لإحضاره   توباك للمحكمة في الجلسة الماضية وهو مقيد بالقيود الحديدية وأن مفتاح فتح القيد قد تم تركه بالسجن ،إلى جانب إصابة  توباك   في الشفة السفلية حسب التقرير الطبي وهو بالسجن ، وشددت المحكمة على أن مدير سجن كوبر وبعدم تنفيذه أوامرها يعتبر مخالفاً للقانون مما يستدعي تقييد إجراءات بلاغ ضده بعد مخاطبة النيابة المختصة.

لاعدول عن قرار

وبعد مرور أكثر من ساعة من قرار المحكمة وردتها إفادة من السجن   إلا أن المحكمة أكدت  عدم تراجعها عن قرارها بتحريك بلاغ ضد مدير سجن كوبر ،  وذلك لأنها الجهة الوحيدة المنوط بها أمر المتهمين ولايجوز مخالفة أوامرها مطلقاً ، فضلاً عن أن إدارة السجن تعلم بموعد الجلسة وكان ينبغي أن تصل إفادتهم للمحكمة  قبل إنطلاق الجلسة   لاسيما وأن مخاطبة المحكمة للسجن كانت قبل وقت كاف ، إلى أن خطاب السجن كان بتاريخ 7 ديسمبر الحالي إلا أنه وصل إليها في جلسة الأمس ، وشددت المحكمة  على أن إدارة السجن وبذلك كأنما تريد إختبار مدى صبر المحكمة وما تتخذه من إجراءات ،وأن خطابها الآن بعد صدور قرار ضد مدير السجن أمر مرفوض ،  لافتاً إلى أن خطاب السجن أوضح أسباب تقييد توباك تعود لهظاره مع منتظر
آخر  وتطور لشجار  حول جردل استحمام يخص آخر خارج الزنزانة وأن السجن ليس له علاقة بالحادثة ،إلى جانب أن السجن شكل مجلس تحقيق حول ذلك، ونبه  السجن في خطابه بأن وضع القيد  ليس جزاءً وعقاباً للمنتظر وإنما تدبير أمني من خشية هروبه أو أذية نفسه أو غيره حسب لائحة السجون ومعاملة النزيل ،  كما نبهت المحكمة إلى أنه ليس مقبولاً إحضار متهم وعليه القيود للمحكمة ، ونوهت المحكمة إلى أن إدارة السجن في خطابها تناقض نفسها بوضع توباك عن معزل عن بقية المتهمين وهم متهمين في جريمة واحدة بحجة رفضهم تواجده معهم بالرغم من أنهم وافقوا بذلك أمام المحكمة .

إنكار المواجهة

في ذات الإتجاه قررت المحكمة كذلك أن يمثل رئاسة دفاع المتهمين الثلاثة (توباك ، والننة ، وترهاقا) محام واحد من ضمن الهيئة ،  لتضارب المصالح القانونية بين المتهمين وذلك بعد أن أزاحت التحريات الستار وكشفت للمحكمة إجراء مواجهة بين المتهمين الأول توباك والثاني الننة ، وتبين فيه دور كل واحد منهما في تسديد طعنة للمجني عليه العميد علي بريمة يوم الحادثة ، فيما برر المتحري إجراء المواجهة بين توباك والننة وذلك لأنه بعد مثول توباك أمام قاضي محكمة الخرطوم شمال محمد سرالختم عثمان، أنكر علاقته بالحادثة وأن ليس لديه إعتراف قضائي ، فضلاً عن أنه وباستجواب المتهم الثاني أفاد بأن توباك طعن العميد بالسكين المعروضات وذكر أوصافها له.

حينها وجه القاضي استفساراً للمتهمين توباك والننة ، حول ماجاء في المواجهة التي أجرتها التحريات بشأن مقتل العميد بريمة وتليت بواسطة المتحرى   حيث  أنكر المتهمان الأول توباك والثانى الننة  للمحكمة إجراء أية مواجهة لهما مع بعضهما مطلقاً بشأن الحادثة ، حيث أفاد الننة المحكمة أن المتحري أخرجه من الحراسات وألبسه( حاجة )على وجهه ومن ثم ذهب به لمسرح الحادثة ، مشدداً على أنه ويومها لم يجد بمسرح الحادثة  توباك مطلقاً ، موضحاً بأنهم تلقوا إهانات وضرب وأجبروا  غصباً على تمثيل الجريمة بالرغم من رفضهم ذلك .

تضارب مصالح المتهمين

 في المقابل وافقت هيئات دفاع المتهمين الثلاث على قرار المحكمة بشأن تضارب مصالح المتهمين القانونية عقب المواجهة بين توباك والننة  وأعلنوا بأن يمثل كل محام منهم دفاع متهم واحد يتضامن معه عدة محامون في الدفاع عنه ، حيث أصبحت المحامية إيمان حسن ، تترأس دفاع المتهم الأول توباك بدلاً عن تمثيلها دفاعه إلى جانب (الننة وترهاقا) ، بينما ترأس  المحامي بكر حسن ، دفاع المتهم الثاني أحمد الفاتح الننة ، فضلاً عن ترؤس المحامية سعاد أحمد محمد دفاع المتهم الثالث محمد الفاتح ترهاقا ، فيما بقي دفاع المتهمين الرابع مصعب سمير ، والخامسة طبيبة بشرية ، تمثيلهما السابق بالمحكمة كدفاع عن المتهمين .

إعترافات قضائية للمتهمين

في ذات الإتجاه أوضح المتحري  بأنه وبتاريخ 23 يناير 2022م مثل توباك أمام محكمة بحري وسط الجنائية برئاسة القاضي أحمد المصطفى وسجل إعترافاً قضائياً بيومية بشأن الحادثة.

و نبه   المتحري المحكمة  أن المتهم الثالث محمد الفاتح ترهاقا قام بطعن الشرطي معتصم ثم هرب إلى المسجد وأرشد عليه بواسطة مصدر ، موضحاً بأن الثالث وبطعنه للشرطي شغله عن حماية العميد يومها .

قصة ذبح ملازم

في سياق مغاير كشفت التحريات للمحكمة بأن هناك ضابطاً يتبع للمباحث ضمن (تيم) تفتيش الشقة محل المضبوطات أفاد بالتحريات  بأن هناك إجراءات بلاغ بالشروع في القتل  مدونة ضد المتهم الأول توباك بقسم شرطة الشمالي تفيد بأنه  قد شرع في ذبح ضابط برتبة ملازم يدعى (بابكر) يتبع لمباحث وسط الخرطوم  ،موضحاً بأن هذه الحادثة هي سابقة لحادثة العميد بريمة.

كيفية تمثيل الجريمة

في ذات الإتجاه كشف المتحري للمحكمة انه وبتاريخ 24 يناير 2022م تم تمثيل كيفية إرتكاب الجريمة بوجود الأدلة الجنائية للمتهمين الأول توباك والثاني الننة ، حيث دفع المتحري للمحكمة بثلاثة أقراص (سي دي) مدمج تحتوي على تمثيل الجريمة ، فيما أرجأت المحكمة التأشير على الأقراص المدمجة لحين عرضها أمامها بواسطة  (بروجكتر) ومعرفة محتواها .

عينات الـ(دي إن أي )

ونبه المتحري المحكمة إلى أنه وبتاريخ 24 يناير 2022م تم عمل فيش للمتهمين توباك والننة ،في المقابل أشرت المحكمة على محتوى الفيش كمستند إتهام (9/10)،  كما أفاد المتحري بأنه وبذات التاريخ تم أخذ عينات من المتهمين الأول توباك والثاني الننة  بشأن الفحص المعملي حول الـ(DNA) لديهما ، فيما أشرت على الفحص كمستند إتهام (11) ، في ذات الوقت دفع المتحري بمستند للمحكمة عبارة عن تقرير مسرح الحادث ووافقت المحكمة عليه وأشرت عليه كمستند إتهام (12/أب) ، ويجئ تأشير المحكمة على المستندات الثلاث وذلك بعد عرضها على هيئات دفاع المتهمين وعدم إبداءهم إعتراضاً عليها من حيث الشكل – بيد أنهم إلتمسوا من المحكمة مناقشة محتواها عند مثول محررها أمام المحكمة وسماع إفادته حولها .

حسم جدلية التصوير

 كما طالب محامو الدفاع من المحكمة كذلك السماح لهم بتصوير المستندات الثلاث حتى يتنسى لهم مراجعة محتواها  جيداً تمكنهم من تقديم قضية دفاعهم ، حينها إعترض ممثلو الإتهام عن الحق العام النيابة والحق الخاص عن أولياء دم المجني عليه بريمة ، على طلب الدفاع بتصوير المستندات بإعتبارها جزءاً من مستندات المحضر وهي مستندات رسمية بالدولة وتخوفوا من نشرها على وسائل التواصل الإجتماعى ، حينها أصر دفاع المتهمين على طلبهم وأفادوا بأنهم الأحرص على عدم نشر محتوى هذه المستندات لعدم الإضرار بقضية دفاعهم ، حينها حسمت المحكمة الجدال القانوني حول ذلك واستجابت لطلب الدفاع وسمحت لهم بتصوير المستندات المؤشر عليها من قبلها ، وذلك استناداً على قانون الإجراءات المدنية الذي يجوز ذلك.

تبرير الإتهام للمتهمين

في غضون ذلك أوضح المتحري للمحكمة بأنه وبتاريخ 25  لذات عام الحادثة تم استجواب شاهد الإتهام صبري إبراهيم ، الذي كان ضمن (تيم) التفتيش بشقة الصحافة محل ضبط المعروضات ، وأفاد المتحري بأنه وبتاريخ 26/يناير 2022م وبناءاً على خطاب من الشؤون القانونية برئاسة الشرطة تم تسليم أوراق البلاغ لنيابة التحقيقات الجنائية ، لموالاة التحري فيه ، وقال المتحري للمحكمة بأنه ومن خلال التحري توجد بينة كافية لتقديم المتهمين الأول توباك والثاني الننة والثالث ترهاقا بمخالفة نص المادة (21/الإشتراك الجنائي ، و130/القتل العمد ) من القانون الجنائي السوداني ،وذلك لتواجدهم بمسرح الحادثة بشهادة شهود ومصادر بأنهم إرتكبوا الجريمة ، إلى جانب تعرف الشهود عليهم بطابور الاستعراف وإقرار المتهمون أمام القضاء  وإرشادهم على أداة الجريمة وتطابق أقوالهم بالتحريات والإعتراف القضائي والمواجهة وكيفية تمثيل إرتكاب الجريمة .

في وقت أفاد فيه المتحري بأن المتهم توباك، يتبع لمجموعة (غاضبون بلا حدود) ،وأنه شارك في المظاهرات يوم الحادثة ، وتبين من تفتيش الشقة ضبط سكين وملابس وخوذة صفراء تخصه وشعارات تتبع لـ(غاضبون بلا حدود).

طعنات و سكين ومال

في وقت كشف فيه المتحري للمحكمة بأنه وبعد العودة من مشرحة بشائر  تم أخذ عينة ترابية بمحل الحادثة تبعد (16) خطوة من فندق (المريديان) شرقاً مع تقاطع شارع القصر والسيد عبدالرحمن وبفحصها مختبرياً إتضح أنها تعود للمجني عليه العميد علي بريمة ، ونبه إلى أن الشرطيين معاوية صابر ، معتصم إبراهيم ،  والمتحري الأول ،هم من أرشدوا على محل الحادثة ، لافتاً إلى أن الشرطي معتصم  تلقى ثلاث طعنات يوم الحادثة بواسطة المتهم الثالث ترهاقا  أثناء اسعافه للمجني عليه العميد بريمة لمشفى الشرطة على متن عربة – إلا أن الطعنات لم تخترق جسده وإنما مزقت ملابسه النظامية ، مشيراً إلى أن المتهم الأول توباك طعن العميد مباشرةً في الجهة اليسرى في الظهر بموجب أداة الجريمة أدت لتهتك الرئة ، بينما قام المتهم الثاني بطعن العميد في العضد الأيسر له ، كاشفاً بأن المتهم الرابع مصعب سمير وبالتحريات هو من قام بمناولة السكين إداة الجريمة لتوباك الذي قام بطعن العميد ،لافتاً إلى أن المتهم الرابع قبض عليه بعد أن حول البلاغ للنيابة ولم يتحر معه بشأن الحادثة ،  فيما كشف المتحري للمحكمة بأن المتهمة الخامسة وفي ليلة إرتكاب الحادثة وجدت إتصالات بينها وتوباك وأنها مدتهم بمبلغ (50) ألف جنيه لإيجار شقة ، مشيراً إلى أن المتهمة الخامسة بالتحريات  أفادت أن توباك يقيم جوارهم بأمدرمان وأنها كانت (تعطف) عليه بينما بالتحريات تبين أنها حولت مبلغ (50) الف لتوباك ) وعدته بأن تجد لهم منزلاً آمناً ، موضحاً في سياق مغاير بأن الطبيبة تواجه إتهاماً بالتستر الجنائي في الحادثة وأن لديها بلاغاً منفصلاً.

في سياق متصل أوضح المتحري للمحكمة بأن المتهم الثالث أول من ألقت مباحث فرعية وسط الخرطوم القبض عليه وعند التحري معه كان مصاباً وعليه آثار دماء كثيرة ، ثم لاحقاً ألقي القبض بتاريخ 15 يناير 2022م على المتهم الأول توباك لحظة إحضاره للتحري كان يجلس على كرسي مدولب وقدمه عليها جبص ، موضحاً بأنه تم إرساله للكشف بمشفى الشرطة وذلك لأنه كان يحرك قدميه كثيراً بالتحري ، موضحاً بأن الطبيب أكد عدم إصابة توباك بكسر .

نفاذ الغاز المسيل

ونبه المتحري إلى أنه وفي يوم الحادثة إنطلقت مليونية حوالي الثانية والنصف ظهراً وكان عدد المتظاهرين أكبر من الشرطة التي كانت مرتكزة بالجهة الشمالية والمتظاهرين بالجهة الغربية الشرقية ، موضحاً بأن القوة كانت منسحبة جرياً من الجنوب للشمال بشارع القصر وذلك لنفاذ الغاز المسيل للدموع لديها ، موضحاً بأنه وحسب الشاهد سائق العميد مساعد شرطة بأنه ويومها قام العميد بالمرور لمرتين على جميع القوات المرتكزة للمظاهرات بالخرطوم ومن ثم توجه لآداء واجب العزاء في وفاة والدة اللواء نصرالدين ومن ثم عاد لإرتكاز معمل (استاك) وتم تسليمه خوذة وكمامة وإشتبك المتظاهرون مع الشرطة وكان جريه بطيئاً و تم طعنه .

اضغط هنا للانضمام لمجموعات الانتباهة على تطبيق واتساب